Test Footer

مرئيات
Home » , » المظاهر الفنية والاجتماعية عند قدماء الليبيين

المظاهر الفنية والاجتماعية عند قدماء الليبيين

Written By آفر برس on الاثنين، 28 فبراير 2011 | الاثنين, فبراير 28, 2011

إعداد ايناس المنصوري
إن شعب كالليبيين القدماء قاد شعوب البحر المتقدمة، وانشأ أسرات حكمت مصر فى فترة من فترات تاريخها، ليجعلنا نعتقد بأن هذا الشعب كان على درجة من التقدم والتطور، وله مظاهره الحضارية، هذه المظاهر التى وصلنا بعضها فقط، منها المظاهر الفنية التى أقصد بها الموسيقى، الغناء، وبعض الآلات الموسيقية، وحيث أن الموسيقى لا تشبه غيرها من الفنون لأنها لا تخلف وراءها آثار مادية، مع ذلك فإن قدرا معينا من المعلومات يمكن استجلاؤه من الآلات نفسها ومن صور العازفين على الرغم من عدم وجود تسجيل واقعى للأصوات، وقد وصلت معظم معلوماتنا حول المظاهر الفنية لليبيين القدماء عن طريق النقوش المصرية وما ذكره المؤرخ الإغريقى هيرودت الذى زار إقليم المدن الخمس. كانت الموسيقى الليبية فى منتهى البساطة وأبسط أشكالها كانت تلك الصرخات العالية التى يطلقونها فى حالة النشوة والتى لاحظها هيرودوت بين ليبيى عصره، حيث قال فى معرض حديثه عنها: "إن النساء الليبيات يطلقنها بشيء غير قليل من الحلاوة"، ولعله يقصد بذلك الزغاريد المألوفة فى هذه الأيام بالإضافة إلى هذه الصرخات فلابد أن الليبيين القدماء كانت لهم أغانيهم التى كانت دينية فى بعض الحالات، كما ذكر هيرودوت: "من أن النساء الليبيات فى سيوة كن وقت عبادتهن للإله آمون يتغنين بترنيمة غريبة على طريقة أهل البلاد، هذا كما يشير هيرودوت إلى أن الليبيات يتغنين بغناء مطربا شجيا، وهذا يدل على أنهن كن يمارسن الغناء ويطربن المستمعين. كان لليبيين رقصات تشبه تلك التى كان يؤديها الجنود الليبيين فى الجيش المصرى كما فى لوحة التمحو، إذ كان الراقصون ينقسمون إلى فريقين: أحدهما واقف يضبط الإيقاع بالقرع بعصا على أخرى، والفريق الثانى يتحرك ويقفز على ذلك الإيقاع ومن الطريف أن هذه الرقصة لها مثيل فى فلكلورنا الحديث وتعرف باسم"الكسكا" مما يدل على عراقتها. هذا إلى جانب رقصة دينية كانت تمارسها عذارى الأوسيس، ويمكن أن نعتبرها نوعا من الرقص الحربى. أما الآلات الموسيقية فقد كشفت النقوش عن وجود بعضها مثل الطبلة ذات الوجهين، والبوق، والمزمار، والقيثارة الصغيرة قائمة الزاوية، وقد صنعت الطبلة كما دل شكلها إما من الفخار أو الخشب الذى غطيت نهايتاه بالجلد. وكان هذا يحمل برباط يشد إلى الكتفين ويتركه يتدلى أفقيا بحيث تكون طبلتاه فى وضع قريب من اليدين ليمكن الدق عليهما بسهولة. أما المزمار فكان يصنع فى الغالب إما من الخشب أو من عظام الساق لنوع من الطيور الكبيرة ، ولكن به عدد غير معروف من الثقوب. ولعل هذا المزمار هو سلف الشبابة الحالية وان كان يختلف عنها فى أن طرفه من جهة الفم كان أدق من الطرف الآخر. أما أكثر الآلات الليبية تقدما فقد كانت القيثارة الصغيرة قائمة الزاوية وكان هذا النوع من القيثار شائع الاستعمال فى وادى النيل إلى جانب أنواع أخرى من القيثارات التى كانت أكثر تعقيدا منها وهذا بعضا مما وصلنا عن طريق النقوش المصرية وما ذكره هيرودوت عن ليبيا فى تلك الفترات التاريخية التى لا نعلم الكثير عنها.
بينما يعود اسم ليبيا في شكله الحالي إلى الصيغة الإغريقية للاسم الذي أطلقه المستوطنون الإغريق على المنطقة الواقعة غربي وادي النيل الذي تقول الأسطورة عنه: إنه كان اسما لزوجة الإله بوسيدون إله البحار، ولكنه مأخوذ في الحقيقة من اسم قبيلة ليبو المذكورة في المصادر المصرية؛ والتي كانت تقيم في منطقة برقة، ثم أطلق اليونانيون والكتّاب القدماء هذه التسمية على القارة الإفريقية. وهكذا صار للاسم مدلولان: أحدهما برقة وشمالي إفريقية، والآخر القارة الإفريقية التي شكلت مع آسيا وأوروبا مفهوم العالم القديم عند الإغريق. ولكن المصادر المصرية القديمة استخدمت أيضاً تسمية قبيلة التحنو للدلالة على الليبيين القدماء. أما أشهر القبائل الليبية، التي غزت مصر في عهد المملكة المصرية الحديثة فكانت قبائل الليبو والمشواش وقد وطَّن رعمسيس الثالث مجموعات منها في مصر، وصاروا يخدمون مرتزقة في الجيش المصري؛ حتى إن أحد قادتهم المدعو شيشُنق الأول وصل عام 950 ق.م إلى عرش مصر، وأسس السلالة الثانية والعشرين التي حكمتها ما يزيد على قرنين من الزمن. أما عن ليبيا في عصور ما قبل التاريخ فقد دلّت الأبحاث والدراسات الأثرية على أن منطقة شمالي أفريقيا كانت غزيرة الأمطار وكثيرة الأشجار والحيوانات. وعثر الباحثون في باطن الصحراء الليبية على جذوع أشجار متحجرة وبقايا عظام حيوانية مختلفة، مثلما عثروا أيضاً على بقايا الأدوات الحجرية التي استخدمها الإنسان القديم، كما عثروا على رسومات منقوشة على الصخور في الكهوف الجبلية الواقعة جنوبي فزان (جبل أكاكوس) تمثّل صيّادين وحيوانات تعيش اليوم في البيئة الاستوائية، مثل الزراف والفيلة ووحيد القرن والبقر الوحشي.

التأثير المصري
وتبعاً لانقسام ليبيا إلى إقليمين كبيرين تفصل بينهما منطقة صحراوية واسعة، هما برقة في الشرق وطرابلس في الغرب، فقد اتخذ تاريخ ليبيا القديم مسارين مختلفين، ففي حين ارتبطت منطقة برقة تاريخيا وحضاريا بمصر القديمة وبالإغريق الذين استوطنوها، فإن منطقة طرابلس ارتبطت بالمغرب العربي وبقرطاجة وحضارتها. ويمكن إضافة منطقة ثالثة هي واحة فزان، التي قامت فيها حضارة الغرامنتيين الصحراوية. كان لاتصال الليبيين بجيرانهم المصريين أثره الواضح في حضارتهم وثقافتهم وديانتهم، فقد تأثروا بالعادات والتقاليد المصرية، فدفنوا موتاهم حسب الطريقة المصرية، وقلّدوا الاحتفالات التي كان يقيمها الفراعنة في المناسبات القومية والدينية، كما لقبوا أنفسهم بألقاب الفراعنة. وانتشرت بين الليبيين عبادة بعض الآلهة المصرية، مثل إيزيس وسيرابيس، وقدموا القرابين. وقد عثر على معابد لهذين الإلهين حتى في لبدة وصبراته في إقليم طرابلس الغرب. وكان الملوك الليبييون يعينون أبناءهم رؤساء لكهنة الإله آمون ، مثلما كان يفعل فراعنة مصر.

الغرامنتيّون
أما الغرامنتيّون فكانوا قبائل استوطنت منطقة فزّان (في الجنوب الغربي من ليبيا) نحو القرن العاشر قبل الميلاد، واتخذوا من مدينة غَرَمَة بوادي الآجال عاصمة لهم، وأقاموا حضارة عريقة. وقد عملوا بالزراعة ورعي الماشية، واستخدموا العربات التي تجرّها الخيول، واشتغل الغرامنتيون بتجارة القوافل عبر الصحراء، وكانوا يحملون إلى إقليم طرابلس البضائع المختلفة من أواسط أفريقيا، مثل الحيوانات والعاج والبخور والبهارات والذهب والفضة، ويبيعونها إلى الفينيقيين هناك، ويحصلون بالمقابل على المنسوجات الصوفية والحريرية والأسلحة المصنوعة من الحديد وبعض الأواني الفخارية والزجاجية. وقد استطاع الغرامنتيون مقاومة الغزو الروماني في مطلع القرن الأول الميلادي. وعندما تولّى الإمبراطور سبتيميوس سفيروس حكم الإمبراطورية الرومانية (193-211م) ازدهرت التجارة بين جرمة ولبدة وغيرها من المدن الليبية وقد عثر في موقع مدينة جرمة القديمة على آثار الغرامنتيين المتمثلة في عدد من المباني والقبور، التي وجد فيها كثير من أدوات الزينة كالعقود والخرز والأساور، كما عثر على بعض الأواني الفخارية والزجاجية ولقى أثرية مختلفة. كان نظام الحكم في ليبيا قائماً على أساس قبلي؛ بمعنى أن لكل قبيلة رئيسها أو ملكها، وكان منصبه وراثياً، ويشترط في رئيس القبيلة القدرة والكفاءة، وكان يساعده مجلس استشاري من وجوه القبيلة. وفي بعض الأحيان كانت تتحالف قبيلتان مع بعضهما، مثلما فعل الغرامنتيون والنسامونيون عندما هاجموا القوات الرومانية في القرن الثاني الميلادي كانت الأسرة أساس المجتمع الليبي القديم، وكان تعدد الزوجات أمرا شائعاً آنذاك، كما كان الأب يتمتع بسلطة مطلقة في الأسرة. وفيما يتعلق بالحياة الاقتصادية فإن سكان المناطق الساحلية الخصبة والواحات كانوا يعيشون حياة شبه مستقرة، ويعملون في الزراعة. أما في داخل ليبيا فقد تميزت حياة الليبيين القدماء بالتنقل والترحال بحثاً عن العشب والماء وعملوا بالرعي وتربية المواشي.
ومارس الليبيّون القدماء بعض الحرف البسيطة التي تلبي احتياجاتهم المختلفة، وقد أدّت التجارة دوراً كبيراً في حياتهم، فكانوا يتاجرون مع البلدان الإفريقية، وكانت قوافلهم تحمل إليها الأقمشة والأدوات الفخارية والزجاجية، وتعود منها محملة بالعاج وخشب الأبنوس وريش النعام وناب الفيل والبخور وغيرها.

30 حرفا
وقد عثر علماء الآثار على بعض النقوش التي تمثّل الكتابة الليبية القديمة التي كانت تتكون من ثلاثين حرفاً، تكتب على شكل أعمدة من أسفل إلى أعلى، وقد لاحظ العلماء وجود تشابه كبير بين الكتابة المصرية والليبية القديمة، وكذلك بين اللغتين من حيث المفردات والقواعد. عبد الليبيون القدماء بعض المظاهر الطبيعية مثل الشمس والقمر والنجوم، وقدسوا بعض الحيوانات. ومن الآلهة التي اشتهرت عبادتها عندهم الإله الأعظم الذي كانوا يرمزون له بعجل يحمل بين قرنيه قرص الشمس، وعبدوا كذلك الآلهة إيزيس وسيرابيس والإله آمون الذي عرف عندهم باسم زيوس حامون، وقد عثر على بعض معابده في بنغازي وساحل سرت.
 
Copyleft © 2011. آفر برس . All lefts Reserved.
Company Info | Contact Us | Privacy policy | Term of use | Widget | Advertise with Us | Site map
Template modify by Creating Website