Test Footer

مرئيات
Home » » كل شيء عن منطقة أزواد

كل شيء عن منطقة أزواد

Written By آفر برس on الاثنين، 28 فبراير 2011 | الاثنين, فبراير 28, 2011

ansary.jeeran.com
بطاقة الحياة اليومية في أزواد
ـ يستيقظ أهل أزواد مبكرا،فيبدأ الرجل بتعهد الحيوانات(المواشي)وتبدأ المرأة بالأعمال المنزلية الخاصة
ـ أما الأطفال فهم أداة لتبليغ الرسائل،وأداء المهمات الخفيفة
ـ عند طلوع الشمس تعد المرأة السويق أو الجريش (من أنلي) للإفطار
ـ يحلب الرجل بقايا شياهه التي لم تحلب كاملة البارحة
ـ تجتمع الأسرة على الجريش،وتقسمه،كل يأخذ حصته،والنساء بالطبع أكثر
ـ يجمع الرجل شياهه بمساعدة أولاده،(الحمير والشياه ثم تجهز الدلاء والقرب) استعدادا للورد على البئر
ـ ينطلق الرجل بأكبر أولاده إلى البئر،وكلهم نشاط وحيوية
ـ ها قد وصلوا إلى البئر، تقسم الحيوانات على الطريقة التي تسقى بها:
الشياه أولا ثم الحمير ثم الأبقار وهكذا،ويؤخذ من الإبل فحل قوي يربط عليه الدلو للسقي،فإن لم يوجد اختير أقوى حمارين أو ثلاثة فربط عليهما؛ثم ينقسم الأفراد: شخص يقود الحيوان الذي يجر الدلو،وآخر يدلي بالدلو في البئر،وثالث أورابع معه يفرغان الدلو في الأواني وخامس يذود الحيوانات عن الماء ولا يطلق منها إلا ما عليه الدور فقط في تنظيم دقيق
ـ بعد شرب الحيوانات كلها تملأ القرب من الأواني
ـ يرجع الكل إلى البيت ،إلا الراعي فإنه يواصل الرعي بالحيوانات
ـ يصل الرجل بالماء في القرب فيستقبله الكل بالفرحة والسرور،فينهلون من هذا الماء العذب الذي طالما انتظروا مجيئه
ـ النساء كن يطحنَّ أنلي طول فترة الورد
ـ قد أكملن واجبهن،وهن الآن في إعداد الغداء التقليدي(عصيدة أنلي)
ـ يقدم الغداء للرجل،ويؤدمه بما حضر(لبن أو حليب أو لحم أو دهن أو لا شيء كل بحسب مرتبته)
ـ بعد الغداء يقيل الكل حتى يبرد الوقت
ـ بعد صلاة العصر يبدأ الرجل النظر في كل الجهات تحسبا لاطلاع الحيوانات عليهم،فيبدأ بإبعاد الجديان حتى لا يرضعوا
ـ يتلقى الحيوانات ، كما يلاقي الحبيب حبيبه، فتراه يستعمل ألفاظ الشفقة والرحمة في مخاطبتها: مسكينة نعجتي الصفراء إنها لم تأكل شيئا اليوم!!! وهكذا
ـ يقوم بإيداع الجديان الحائط الشوكي المخصص لهم
ـ بعد صلاة المغرب يبدأ الرجل حلب الحيوانات
ـ تبدأ المرأة بإعداد الفرش التقليدية أمام البيت للسمر
ـ يتقسم الناس في الحلب على مجموعات: الحلابون،والحراس على الجديان،والوسطاء الذين يخرجون الجديان إلى امهاتهم
ـ ينتهي الحلاب،فيتعشى كل بنصيبه من الحليب
ـ يستسلم الناس لظلمة الليل،فيعم الهدوء والسكون
ـ إذا استراح الرجل قليلا فإنه يذهب للبحث عن حيواناته الضالة اليوم
ـ ينام الأطفال وتسمر النساء مع جاراتهن
ـ أما الرجل فما زال يجوب الفيافي بحثا عن نعجته التي ضلت عليه عند المنعطف الذي يؤدي إلى البئر

نبذة عن حياة قبائل المنطقة
إن أزواد منطقة واسعة يقطنها قبائل الطوارق أو الملثمين ويسمون أيضاً الرجال الزرق، والذين يعيشون كبدو رحل في الصحراء الافريقية الكبرى، والذين ما زال معظمهم يحافظ بإخلاص على عادة اللثام المطبق للرجال لحد لايسمح بخروج أكثر من أهداب العينين، في حين ان المرأة في الأغلب الأعم سافرة لا تغطي رأسها. لكن من هم الطوارق؟ وما هي مناطق تواجدهم تحديداً؟ وما الذي يميزهم عن غيرهم من البربر؟ ومن أين جاءوا بهذه العادة الغريبة عن جميع الشعوب العربية والإسلامية التي هم جزء منها؟ ثم ما هي أهم عاداتهم؟ ومظاهر ثقافتهم؟

يسود اعتقاد خاطئ لدى العامة في المغرب الكبير، بأن كلمة الطوارق مشتقة من اسم طارق بن زياد الفاتح العربي المسلم، وسبب اللبس أن طارقاً يعود لأصول بربرية، وبدو الطوارق بربر كذلك، الحقيقة أن هذا هو وجه العلاقة الوحيد، فالطوارق لايسمون أنفسهم بهذا الاسم الذي يطلقه عليهم غيرهم فقط، وانما يتسمون »تماشق« أو »تمازغ« وهي نفسها عند غيرهم من البربر »أمازيغ« ومعناها »الرجال الأحرار« أما كلمة طوارق العربية، وتنطق محلياً »طوارق« فهي مشتقة من »تاركة« وهو اسم كان يطلق على منطقة فزان بليبيا الآن، وهي منطقة كانت ولا تزال أحد أهم أماكن تواجد الطوارق وجميع الطوارق مسلمون على المذهب المالكي، ويتحدثون بلهجتهم البربرية التي هي أصلاً احدى اللهجات العروبية القديمة، وقد تأثرت هذه اللهجة أكثر بالعربية القرشية مع استضاءة المنطقة بنور الإسلام، وما زال التأثر والتأثير في ازدياد أكثر فأكثر مع تزايد تبني الطوارق للثقافة العربية الإسلامية وتختلف تقديرات سكان الصحراء الافريقية من الطوارق بين عدة ملايين ومليون ونصف حسب أقل التقديرات، ويمكن تقسيمهم جغرافياً، إلى مجموعتين رئيسيتين تقطنان المنطقة من خط الطول 3 إلى 9 وخط العرض 14 إلى 27 بالصحراء الكبرى وهما:

أ- طوارق الصحراء وهم المتواجدون في الجنوب الجزائري ومنطقة فزان بليبيا وأهم قبائلهم الهقار أو »كل هغار« كما يسمون هم القبيلة دائماً ببادئة »كل« أي »أهل« أو »بنو«، وأيضاً كل آجر في صحراء الجزائر، وبالتحديد بمنطقة جبال الهقار، ثم إيمنغاسن وأوراغن وكل آجرفي فزان، وسكان مدينة غدامس الليبية عند نقطة الحدود مع كل من تونس والجزائر

ب - طوارق الساحل وهم بالأساس قبائل كل آيير بصحراء تنيري، وكل يلمدن بمنطقة غاوة بالنيجر، وكل إيترام وكل آدرار من إيلمدن المتونة«، وكل تدمكت حوالي ثومبوكتو ومنعطف نهر النيجر بمالي، وقبائل أخرى كثيرة مثل كل أنصار (الأنصار) وكل لغل، وكل السوق (التجار) وكل غزاف وغيرها في منطقة أزواد وآدرار ايفوغاس بجمهورية مالي المسلمة

وكل هذه القبائل تشترك في نفس الثقافة، وفي نفس اللغة الأمازيغية التي كانت تكتب خاصة في الجنوب، منذ أقدم العصور بالحروف الفينيقية أو كما يسمونها هم »التفيناق« ومعظمهم عند سؤالهم عن أصلهم يقولون انهم من حميرة من اليمن، وهم محاربون أشداء معروفون وقد اشتهر فرسانهم في الفتوحات الإسلامية، وفي عهد المرابطين خاصة، وكانوا هم الجهد الرئيسي للجهد الإسلامي في معركة الزلاقة بالأندلس، وملامحهم عربية جنوبية واضحة، وإن وجد منهم من يميل إلى السمرة الشديدة بحكم الاختلاط بالعناصر الإفريقية المسلمة في الجنوب كقبائل الهوسا بالنيجر، والماندينغ والفولاني في جمهورية مالي، التي قد تمتد منها أحياناً إلى شرق موريتانيا أيضاً التي بها لهم وجود محدود.

درج المؤرخون والرحالة العرب القدامى على تسمية الطوارق بالملثمين والسبب الأساسي في ذلك هو محافظتهم الشديدة على هذه العادة منذ فجر التاريخ، حيث يغطي الرجل رأسه بعمامة من القماش الأسود في الغالب، يلفها حول رأسه بإحكام عدة لفات حتى لايظهر من وجهه سوى أهداب عينيه بالكاد، ليرى بهما فقط، وعلى الرجل أكثر من ذلك أن ينام بهذه العمامة، وألا يضعها في وقت من ليل أو نهار، وإذا كشفت لمعة واحدة من وجهه، لظروف خارجة عن إرادته، فتلك الفضيحة التي ما بعدها فضيحة عند الطوارق، وأكثر من ذلك عليه أن يدخل يده من تحت اللثام إذا كان يأكل، وأن ينزوي في مكان مستور إذا أراد الوضوء أو التيمم وتذهب بعض الروايات القديمة إلى أن الطوارق كانوا إذا خاضوا حرباً وسقط أحد الفرسان ـ ولأسباب تتعلق بالمعركة ـ وسقطت عمامته، وانكشف وجهه أمامهم فإنهم لا يعرفونه، حتى أقرب أصدقائه لأنهم لم يروا وجهه مطلقاً، ويكون الحل أن يعيدوا لثامه وعندها يعرفونه تلقائياً. وتختلف التفسيرات المقدمة لعادة »حجاب الرجال« هذه، فالطوارق أنفسهم يفسرونها بأسطورة جميلة، مفادها أن أكبر قبائلهم ذهب رجالها مرة غزاة يريدون العدو، فجاء العدو من بعدهم إلى خيامهم، ولم يكن بالخيام إلا النساء والأطفال، ورجل مقعد هرم مسن لكنه حكيم، فأمر ذلك الحكيم النساء أن يلبسن ملابس الرجال ويتلثمن بالعمائم، إخفاء لأنوثتهن وعندما فعلن ذلك ووقفن وجهاً لوجه مع العدو وبأيديهن السيوف والفؤوس في هذه اللحظة ظهر رجالهن فجأة عائدين لأنهم لم يجدوا العدو وهاجموا الأعداء من الخلف، في حين هاجمته النساء أيضاً وأصبح بين كماشتين وانهزم العدو، وانتصر الطوارق ومنذ ذلك اليوم يوم الملحمة المجيدة آل الطوارق على أنفسهم ألا يضعوا اللثام عن رؤوسهم أبداً تخليداً لهذه الذكرى كما أن ثمة تفسيرا ايكولوجيا بيئويا ربما يكون أقرب إلى العلمية وهو أن الظروف المناخية القاسية للصحراء الإفريقية الكبرى هي السبب الأساسي للثام الطوارق ذلك ان العواصف الرملية والأتربة تملأ جو الصحراء فترة طويلة من العام لذا استلزم الأمر من الطوارق ومن غيرهم من سكان المنطقة أن يتعمموا اتقاء للغبار والزوابع الرملية كنوع من التكيف مع بيئتهم تماماً مثلما تحدثت المختبرات الطبية الفرنسية في السنوات الماضية عن ظاهرة غريبة أسمتها »ظاهرة دم الطوارق« حيث اكتشفت عندهم هم فقط أجساماً مضادة لمرض الملاريا المتفشي في المنطقة وهم أقدم سكانها المعروفين ولعل هذا التفسير التكيفي الأخير هو الأكثر وجاهة لمن يعرف أجواء الصحراء الافريقية الكبرى تلك الأجواء نفسها التي فرضت على الضباط الفرنسيين في فرق الهجانة الصحراويةأن يكونوا هم أيضاً ملثمين حيث أصبح اللثمام يأتيهم من مخازن وزارة الدفاع في باريس كجزء من البزة الرسمية الفرنسية المعتمدة ولن يفوتنا ان نختم هذه التفسيرات المختلفة لأسباب لثام الطوارق بتفسير طريف يربط اللثام بالحياء قدمه أبو حامد المعروف بالكاتب حين مدح دولة المرابطين التي كان أمراؤها من الملثمين بقوله:
قوم لهم درك العلا من حمير***وان انتموا صنهاجة فهم
لما حووا إحراز كل فضيلة***غلب الحياء عليهم فتلثموا
وسبب الطرافة في هذا الربط بين اللثام والحياء دقته فمن الغرائز البشرية المعروفة الميل إلى اخفاء الوجه بين اليدين عند الخجل، ونجد عادة اللثام مرتبطة بالحياء لدى عرب موريتانيا وجنوب المغرب ايضا، بل انها تعتبر من الطقوس «المقدسة» التي لا يمكن المساس بها ضمن أعراف العرس حيث يسود في هذه المناطق تقليد يقضي بأن يتلثم العريس إلى أقصى حد ممكن بعمامة سوداء خلال أيام العرس وكذلك تتغطى العروس طبعاً في ملحفة سوداء ولا يظهر من وجهها طيلة أسبوع العرس حتى لمعة واحدة وإن فعل أحد العروسين عكس هذا العرف فكشف عن وجهه اعتبر في قمة الوقاحة وكانت هذه فضيحة تدل على عدم الحياء والاحتشام
ومن المظاهر الأخرى لثقافة الطوارق المميزة ما يتعلق بأدوات الزينة والسكن والآلات المستخدمة في الحياة اليومية وفي الفنون الشعبية التي توارثونها ويعتبرونها رموزاً تجب المحافظة عليها وحمايتها من أي «غزو ثقافي» قد يتهددها بفعل موجة »التحضر« العارمة التي تجتاح المنطقة
ولعل أهم ما يميز زينة المرأة الطوارقية البساطة فهي أساساً تعتمد على بعض المصوغات والعقيق والخرز المختلف الأشكال الذي تدخل الأحجار المحلية كخامات رئيسية فيه وتختلف زينة الفتاة عن المرأة الكبيرة فالفتاة يضفر بعناية شعرها الى عدد كبير من الضفائر التي تحلى بالخرز وتتدلى على جبهتها مصوغة ذهبية في شكل التاج أو النجمة وتتدلى الأقراط الذهبية من أعلى الأذن ومن حلمتها معاً وفي هذه السن في الأغلب تلبس الفتاة دراعة سوداء فضفاضة وأحياناً زرقاء مطرزة بعناية بخيوط صفراء أو ذهبية اللون
أما زينة المرأة وهي سافرة في الغالب فهي إضافة الى بعض زينة الفتاة خلاخيل في الساقين وأساور الفضة في المعصمين وخواتم في الأصابع وقد تلبس المرأة ملحفة مزركشة ملونة بالأصباغ مثل ملا حف النساء الموريتانيات ونساء الجنوب الجزائري والمغربي والنساء السودانيات. أما الرجل فإنه يلبس دراعة فضفاضة مطرزة الجيب ويتحلى في الأغلب بخنجر أو سيف ويتفنن الطوارق في تزيين مقابض سيوفهم وأغشيتها وقد يكون المقبض من قرن وحيد القرن أو عاج الفيل وقد يرصع غلاف السيف بالفضة والذهب والأحجار الكريمة وتنحت عليه أسماء مالكية وهذا يصدق أيضاً على الرواحل والسروج والأقتاب وتختلف رواحل الطوارق التي يضعونها على ظهر الجمل عن نظيرتها عند عرب موريتانيا وجنوب المغرب في أن لها مقدمة خشبية تقي الراكب من السقوط إلى الأمام ويمكنه أن يعتمد عليها في حالة حدو الإبل السريع وكذلك مؤخرة خشبية مثبتة بسيور من الجلد القوي أما رواحل العرب فهي رباعية الأبعاد لا ثنائية حيث تحيط خشبتان بالراكب من اليمين ومن اليسار وأخريان مثل الطوارق من الأمام ومن الخلف. أما السروج والأقتاب فمتشابهة تقريباً لدى كلا الطرفين، وإن كان العرب يعطون مكانة خاصة للسروج والخيل، والطوارق أكثر اعتبارهم لإبل المهارى التي لا تكاد توجد عند غيرهم، وهي جمال بيضاء شديدة البياض، وشديدة الجمال أيضاً، وبالمناسبة فأهل الصحراء الكبرى يعتقدون أن كلمة الجمال في اللغة العربية مشتقة من الجمل، والأناقة مشتقة من الناقة، وأحياناً كثيرة، عندما يمر أحد الشعراء الشعبيين بأطلال محبو بته نجده يقف مسائلاً الطلل عن »الجمال اللي راح مع الجمال«.

ومن الأدوات التي يستخدمها الطوارق شمال الناقة وعقال الجمل، والدلو وأحياناً الشادوف لسحب الماء، وأيضاً البكرة التي تجرها الجمال لسحب الماء من الآبار شديدة العمق، ويعتمدون على اللبن واللحم والتمر كمواد قديمة في شكل معجون أو مكبوس ويدخرونها للأيام المتجهمة، ويسكن الطوارق في خيام من الجلود، ولكي تكون مريحة يدبغ جلد الماعز أو الضأن جيداً حتى يصبح كالقماش ويستخدم لذلك خروب القرظ، وتخاط الجلود إلى بعضها لتشكل خيمة ترفع بأعمدة صغيرة من أطرافها وتشد بسيور وخوالف وأوتاد وحبال حتى تكون في أحسن أوضاعها، وقد تغطى حوافها أو تنزل لحد ما إلى الأرض لمنع دخول الأتربة والرمل والعواصف والمطر.
ومن العادات الثقافية المميزة للطوارق، طريقتهم في حلاقة رؤوس الأطفال، فهنالك قبائل تحلق رأس الصبي كاملاً باستثناء عرف أي جزء من مقدمة الشعر في الرأس، وهنالك قبائل تترك قروناً من الشعر في طرف الرأس أو طرفيه معاً، على أن هنالك قبائل أخرى تترك العرف والقرون معاً، أو تترك خطاً من الشعر في شكل خط من بداية الرأس حتى نهايته يسمى (التبيب) عند عرب موريتانيا.
والحقيقة أن هذه العادة يشترك معهم فيها بعض قبائل المغرب الكبير الأخرى، ولم تختف هذه العادة من موريتانيا مثلاً إلا في العقدين الأخيرين الماضيين.
وفي الفنون تعتبر أشهر آلة موسيقية عند الطوارق آلة تشبه العود أو الجيتار تسمى »التيدينيت« وأخرى وترية أيضاً تسمى »الزركة« ثم الطبل، ويتميز الطبل بالذات بمكانة خاصة عندهم، فقد كان يلعب دور وسيلة إعلام، ويوضع عند خيمة زعيم القبيلة صاحب الحل والعقد فيها ويسمونه »أمنوكل« وتحيط به عادة مجموعة من المساعدين »إيمغاد« أما الرعايا من العامة فيسمون »إيكلان« ويتضح الدور الإعلامي للطبل من نوعية استخدامه، فإن أمر قائد القبيلة بقرع الطبل خمس مرات، فمعنى ذلك أن الحي قرر الرحيل إلى منتجع آخر من الصحراء، وإن دوى الطبل عالياً ثلاث مرات متواصلة سريعة، كان ذلك بمثابة صفارة الإنذار من هجوم وشيك للعدو، وهنالك قرعات للطبل تعني أن ثمة شخصاً تائهاً أو مفقوداً في الصحراء، أو أن عرساً قد بدأ

ماذا عن مدينة تمبكتو
في فجر القرن الثاني عشر، وعلى ضفاف البئر التي تبعد بضعة آلاف من الأقدام عن ضفة نهر النيجر، تمركزت قبيلة الطوارق. كان اسم البئر آنذاك ولا يزال تيم-بوكتو أي بئر بوكتو، نسبة إلى اسم حارسة البئر. بعد قرنين من ذلك، انقلبت الأحوال، ومن مجرد استراحة بسيطة للقبائل الرحل، أصبحت تومبوكتو مركزاً تجارياً مهماً تتدفق اليه الواح الملح من مناجم الصحارى، ومنتوجات السفانا والغابات. ومن هناك كانت تنطلق العربات الضخمة المحملة بالمواشي إلى مصر، والمحملة بالذهب والرجاب والعاج والجلد... إلى المغرب.
سبب هذه الثروة بديهي. فقد قام بائعون من مدينة دجيني التي كانت تجتذب منتوجات الجنوب وتحتاج إلى نقطة لتصريف منتجاتها نحو الشمال باستعمال مجرى نهر النيجر، وصولاً إلى تومبوكتو التي جعلوها مرفأ مهماً، والنقطة الأقرب إلى الضفة المقابلة للنهر.
عندما عاد الإمبراطور الكبير كنكان موسى نحو عام 1325، من حجه إلى مكة المكرمة، دفعته الذكرى المذهلة التي كان يحتفظ بها عن القاهرة والمدن التي زارها، إلى أعمار تومبوكتو، فبنى مسكناً وجامعاً وطور التجارة المزدهرة.
وبدأت العصور الذهبية للمدينة المنبثقة من الرمال. وتدفقت الثروات على تومبوكتو، وولدت حضارة متقدمة فيها أصول العيش والاستقبال وفنون المحادثة والحوار في الأمسيات على الشرفات، مما دفع شعراء ذلك الوقت، إلى كتابة الشعر الغنائي فيها ومنهم السادي، كاتب "تاريخ السودان" الذي كتب في القرن السابع عشر : "مدينة جذابة، نقية، رائعة، مدينة شهيرة، مقدسة، خصبة ونشطة. هو بلدي وأغلى ما أملك في العالم".
لكن الحضارة التومبوكتوية هي أيضاً العدد الضخم للطلاب الوافدين من كل بلدان العالم، والذين يتهافتون على سماع العلماء والفقهاء ورجال الدين الذي يعلمون في جامع سانكوري. وذكر المؤرخ ليون الأفريقي وجود 120 ألف طالب و180 مدرسة قرآنية في مدينة كانت تعد في أوجها، في القرن السادس عشر، 100 ألف نسمة. وقال محمود كاتي، كاتب "تاريخ الفتاش"، الذي ألفه في القرن السادس عشر: "تومبوكتو، وصلت إلى الحد النهائي من الجمال والروعة، وكانت الديانة المزدهرة فيها والتقاليد النبوية تعطي الحياة لكل شيء...".
وعندما وصل رونيه كالييه إلى تومبوكتو عام 1828، كتب : "كان بإمكان عبيد تومبوكتو قراءة القرآن، حتى انهم حفظوه غيباً، فهم يعلمونه إلى أولادهم منذ نعومة أظفارهم...".
عاش في تومبوكتو كتاب مشهورون مثل أحمد بابا المؤرخ الذي كان يملك آلاف الموسوعات في مكتبته. لكن الجزائريين، بعد معركة تونديبي عام 1591، وقبائل الطوارق في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، والاستعمار في القرن العشرين، نفخوا السالف وخملت ذاكرة الناس ومحت آثار العربات تحت الرمال وزال زهو العصور الذهبية.
ماذا بقي اليوم، في تومبوكتو الغامضة، من أمجاد الماضي؟
عربة الملح للجمالين الطوارق ما زالت تنزل مرة في السنة من تاودانيك وما زال المرفأ المتصل بنهر النيجر بقناة حفرتها يد الانسان، ينزل القوارب المحملة بالبضائع الآتية من الجنوب. طبعاً لم تعد التجارة في تومبوكتو كما كانت، وتحولت الصحارى إلى بحر عدائي، وضرب الجفاف أراضى الساحل بقوة. لكن فكر تومبوكتو وإيمانها، وفخرها بكونها "الحي اللاتيني" لبلاد السودان، ما زالت تطبع بآثارها الناس والأحجار.
ها هي الطرق التي مر عليها المصلون في اتجاه مسجد دجينغريبر قائمة وكذلك المسجد الذي ما زال صامداً منذ أن أنشأه كانكان موسى في القرن الرابع عشر. انه صرح واسع مبني من ألبا نكو والحجارة. أبراجه مخروطية وشرفاته الرائعة ما زالت تستقبل المؤمنين داخل صحونها الاثنتي عشرة.
وفي الجهة المقابلة للمدينة، مسجد سانكوري الذي تؤكد التقاليد أن محيط أبنيته يساوي محيط الكعبة في مكة المكرمة، وهو يلقي بظله على الشرفات المحيطة. وها هو جامع سيدي يحيى المبني في نهاية القرن الخامس عشر صامد، يحميه باب قديم مصفح بالحديد. وهو من أحد أبواب الطراز الهندسي لبيوت تومبوكتو.
طرق تومبوكتو نظيفة وواسعة إلى درجة تسمح بمرور ثلاثة خيالة معاً. في الداخل والخارج الكثير من الأكواخ مصنوعة من القش بشكل دائري تقريباً.
(من يصدق أن هذا الوصف يعود إلى رونيه كالييه، ويعود تاريخه إلى عام 1828؟). الطرق التي كان يتجول فيها الطوارق بسيوفهم لم تتغير منذ القرن الماضي. وكذلك الأفران المصنوعة من الطين. ما زالت المنازل المبنية منذ قرون على الطراز نفسه، تؤمن استمرار الماضي. فقد أحضر كنكان موسى من حجه إلى مكة، مهندساً مسلماً من أصل إسباني فوضع أصول العمارة في هذه المدينة.
واليوم صار لتومبوكتو طراز خاص بها يعطي المدينة وحدتها، بما فيها الأبنية الأكثر حداثة والمنازل التراثية القديمة والساحات الخفية الداخلية التي يتعالى فيها الصراخ والألعاب مرددة أصداء القرون الماضية.

على مسافة خمسين كيلومتراً جنوب غرب تومبوكتو، ما زالت التقاليد الصحراوية القديمة حية. هناك غوندام العاصمة الصغيرة لمنطقة بحيرة فاغيبين الرائعة ذات ال800 كيلومتر من المياه، واليها يأتي الجمالون الطوارق لملاقاة المزارعين البيلا. ومساء، تتصاعد حول المسجد وفي الأزقة المحيطة به موسيقى المزمار الحزين، والطبل الصغير المصنوع من الفخار.
يقول مثل طوارقي : "من الأفضل أن نرى الأمور بأعيننا من أن نسمعها من الآخرين". ويشهد زوار تومبوكتو الذين يصل عددهم إلى 3 آلاف شخص سنوياً، على عناصر الجذب القوية التي ما زالت موجودة حتى اليوم في المدينة، والتي تشكل أحد مصادر الحضارة السوداء

التاريخ السياسي للمنطقة
إن منطقة أزواد كانت تعيش بحرية تامة على شكل أراض تمتلكها القبائل الأساسية في المنطقة،ولكل قبيلة شيخها الآمر،وعلماؤها المفتون وقضاتها الحاكمون،حتى بغتتهم فرنسا بجنودها لاحتلالهم فهبوا جميعا للدفاع عن أرضهم وديارهم،إلا أن عتادهم لم يكم بالمكافئ لعتاد العدو،استطاع المستعمر تمزيق القبائل شذر مذر بعد الهزائم التاريخية التي ألحقوها به (كمعارك فهرون وغيره من القواد البارزين) بعدها تشتت الأوضاع ودخل المستعمر الأرض فعلا فعاث فيها وجعل أعزة أهلها أذلة،بالطبع السود من المنطقة تابعو سيدهم المستعمر وطبقوا أوامره حرفا حرفا،أما أهل أزواد فقد خالفوه وتمردوا عليه،فأعادوا تنظيم صفوفهم تحت قيادة القائد البطل السياسي المحنك محمد علي بن الطاهر الأنصاري،فأعلنها صريحة في وجوه الفرنسيس: لا للإنضمام تحت لوائكم!!! فلما بدأت فرنسا تدرك خطر هذا القائد على مصالحها في المنطقة عرضت عليه أن تمنحه الاستقلال بقومه تحت سيطرة فرنسية، فأبى البطل مثل هذه الإغراءات، فأصدرت فرنسا في حكمه الإعدام ففر هاربا من المنطقة إلى البلدان العربية،وبعدها وقعت الحرب العالمية الثانية فأعطى كل أهل المنطقة أوامر بعدم مساندة فرنسا في الحرب؟!!! فبانقضاء الحرب مباشرة سجلتها عليهم فرنسا جريمة تاريخية لا تغتفر،وأكدت أنها كانت بفعل القائد محمد علي.
بعدها قررت فرنسا الخروج من الأرض وتسليمه لأهله،فعاقبت محمد علي على عدم إعطائه أرضا لأنه لم يشارك معهم في الحرب، وأعطت الأرض الأخرى للسود ثم خيروا محمد علي في ثلاث: إما أن ينضم أرضه إلى أرض الجزائر أو أرض موريتانيا أو مالي،فرفض كل الخيارات،إلا أن أخاه وقع على الأخير نائبا عنه من خلال تصرفه الشخصي، وعلل ذلك بأنه إذا انضم مع السود فإن قومه سيحررون أرضهم مهما طال بهم الزمن،بخلاف العرب!! وهذا بالطبع تصرف لا يوافق عليه أبدا.
بقيت الحالة هكذا حتى بدأ الشباب ينتبهون من غفلتهم،فآلمهم حر الذل الذين يعيشون تحته من سنين،فأعلنوها ثورة ضد التمييز العنصري والإهانة العرقية،وكان ذلك في منتصف الثمانينات،فقاد الشباب هذه الثورة ضد الحكومة،طالبين بها جزءا من حقوقهم المداسة،فردت عليها الدولة بالتطهير العرقي الذي طال كل المناطق،وراح ضحيته عشرات الآلاف من الأبرياء.
لما اشتد الأمر على الحكومة طلبت توقيع صلح يتوصل به إلى تحسين الأوضاع،فوقع الشباب صلحا على أن يجدوا كل حقوقهم اللازمة،ولكنه بقي حبرا على ورق إلى وقتنا هذا ، ولعلنا نستجمع صفوفنا من جديد فندكها دكة لا قيام لها من بعدها لننعم بالحياة التي افتقدناها أكثر من نصف قرن من الزمن.
 
Copyleft © 2011. آفر برس . All lefts Reserved.
Company Info | Contact Us | Privacy policy | Term of use | Widget | Advertise with Us | Site map
Template modify by Creating Website