Test Footer

مرئيات
Home » » القبايل : القمع ومشروع الحكم الذاتي

القبايل : القمع ومشروع الحكم الذاتي

Written By آفر برس on الاثنين، 14 مارس 2011 | الاثنين, مارس 14, 2011

إدريس ولد القابلة-alkhabar.ma
كان من المتوقع تنظيم العديد من المظاهرات يوم 20أبريل 2010 في الجزائر، وعلى الأخص في "تيزي وزو"، "فكاييت" و"البويرة" للاحتفال بالذكرى الثلاثين لـ "الربيع الأمازيغي" التي شهدت خلالها المنطقة في الربيع 1980 اضطرابات إذ همّ السكان بالمطالبة بالاعتراف الرسمي باللغة الأمازيغية وبوجود الهوية الأمازيغية بالجزائر، لكن بعد مرور ثلاثين سنة، أين هي "القبايل" من هذه المطالبة؟ لنرجع القهقري قصد تقييم واقع الحال.
1- كفاح "القبايل" من أجل الهوية منذ استقلال الجزائر
تعتبر "القبايل" منطقة جبلية كثيفة السكان، وتقع في شمال الجزائر شرق الجزائر العاصمة. إنها محاطة بسهول ساحلية شرقاً، وغرباً، فالبحر الأبيض المتوسط شمالاً وبالهضاب المرتفعة جنوباً. هي منطقة تفتقر للإدارات العمومية، ويقطنها الأمازيغ: "القبايل". يوجد بها مابين 3 ملايين و3 ملايين ونصف نسمة المتكلمين باللغة الأمازيغية ضمن ساكنة جزائرية إجمالية تقدر بـ 35 مليون نسمة. كما يوجد مابين مليونين ونصف من أمازيغ "القبايل" في مناطق أخرى من البلاد، لاسيما في الجزائر العاصمة،إذ يمثلون هناك نسبة كبيرة من ساكنة المدينة. ويوجدون كذلك بالديار الفرنسية (مليون نسمة) وبدول أوروبية أخرى وأيضا كندا.

منذ استقلال الجزائر عام 1962 وفكرتي الحكم الذاتي و مشروع سياسي خاص بـ "القبايل" تشقان طريقهما على امتداد المنطقة، فجبهة القوى الاشتراكية (FFS) تندد وترفض سلطة الحزب الوحيد والقوانين الأساسية للجزائر التي أقصت، جملة وتفصيلا، البعد الأمازيغي.

قاد حزب حسين آيت أحمد عصياناً وتمرداً مسلحا، نُظر إليه من طرف السلطات الجزائرية كأنها محاولة انفصالية. وفي سنة 1965 حدث انقلاباً عسكريا، ورغم أن المجلس الثوري تكوّن وقتئذ أساساً من الأمازيغ، تم قمع بوحشية الحركة الأمازيغية وظلت الجزائر عربية إسلامية. مما أثار القلق وصفوف أمازيغ "القبايل" وتسبب في ترسيخ عدم ثقتهم في السلطة المتخوفة من ذيوع مطالب "القبايل" وسط فئات أخرى من ساكنة الجزائر.

في نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات طفت على السطح ثانية فكرة استقلال "القبايل"، علما أن النضال الجماهيري من أجل الهوية الأمازيغية برز من جديد منذ أبريل 1980 مع "الربيع الأمازيغي": تظاهر الأمازيغ وطلاب جامعات الجزائر العاصمة للمطالبة بإعادة تأهيل الهوية الأمازيغية والاعتراف بها رسمية، وبالتعددية السياسية والنقابية وتعزيز حقوق الإنسان، وما إلى ذلك من مطالب.

لكن أعمال الشغب في قسطنطينة سنة 1986، ثم بعدها أحداث أكتوبر 2008 ، هي التي أدت إلى تحقيق بعض التقدم على درب التعددية الحزبية بعد سقوط ما بين 500 و800 من الضحايا.

كانت هذه الأحداث الدامية ذريعة لإعلان حالة الطوارئ وكان الهدف هو منع الطريق على الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الفوز في الانتخابات، و هذا الإجراء أٌتخذ تحت مظلة حفظ النظام، لكن في واقع الأمر، كان لشرعنة قمع المعارضة. ومنذئذ أصبح كل حدث درامي تعيشه منطقة "القبايل" يعزز قناعة مفادها أن الحكم الذاتي هو السبيل الوحيد للخروج من مأزق مواجهة السلطات المركزية الجزائرية (مقاطعة الدروس خلال الموسم الدراسي 1994- 1995، التمردات التي أعقبت اغتيال المغني معطوب وناس- الجريمة التي ظلت دون عقاب إلى يومنا هذا – وفي سنة 1998 سن قانون بتعميم استخدام اللغة العربية في كافة المجالات، وما إلى ذلك من إجراءات تضييق الخناق).

لكن في واقع الأمر، إن الأحداث المأسوية الطارئة في "الربيع الأسود" خلال شهر أبريل 2001 هي التي مكّنت حركة "القبايل" من التوسع وهيكلة نفسها. كما ساهم مقتل أحد أبناء "القبايل"، الطالب الشاب "ماسينيسا كرماح، على يد رجال الدرك في بني دوالة (بالقرب من تزي وزو)، واعتقال ثلاثة طلاب الجامعة بطريقة تعسفية، من طرف رجال الدرك أنفسهم ولّدا شعوراً عميقاً بالظلم. تمرد سكان "القبايل" ودامت أعمال الشغب على امتداد أسابيع لتأكيد القطيعة مع السلطات الجزائرية.
وكانت الحصيلة: قتل 125 أمازيغي على يد عناصر من أجهزة الدولة الجزائرية، وإصابة الآلاف بجروح وأعطاب مستدامة وعشرات من المفقودين ومجهولي المصير.

بعد هذه الانتفاضة وقع المثقفون على عريضة المطالبة بمنح منطقة "القبايل" استقلال وحكم ذاتي واسعين، وكان ميلاد الحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة "القبايل" (MAK) وتأسست هياكلها.

ففي الوقت الذي كان فيه الجدال حول الحكم الذاتي جارياً في الجزائر، كانت لجنة إسعد، التي أنشأها رئيس الجمهورية للتقصي بخصوص الأحداث المأسوية بصدد تحميل المسؤولية للأجهزة الأمنية والدرك بخصوص العنف والتجاوزات الجسيمة. لقد أكدت الجنة أن "رد فعل السكان العنيف أثاره عمل لا يقل عنفاً من طرف رجال الدرك على امتداد أكثر من شهرين الشيء الذي مهد الطريق لاتساع دائرة الأحداث وتغذية تصاعد العنف وإطلاق الذخيرة الحية وأعمال النهب والسلب ومختلف أنواع الاستفزازات والتعدي بالسب والقدح والضرب المبرح والعشوائي"(1)، "إن العنف الذي اقترف في حق المدنيين عنف حرب مع استخدام الذخيرة الحية" (2)، "وفاة كرماح والأحداث التي وقعت في "أميزور" تمثل الأسباب المباشرة الآنية للإضطرابات، في حين أن المسببات العميقة هي اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، وقضايا الهوية ومختلف التجاوزات والانتهاكات. إن المسؤوليات تقع في الأعلى" (3).

2- كفاح "القبايل" اليوم: "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، "جبهة القوى الإشتراكية" و"الحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة "القبايل""
بالجزائر يدافع حزبان سياسيان عن مشروع الحكم الذاتي في "القبايل"، هما حزب "التجمع من أجل الثقافة
والديمقراطية" وحزب "جبهة القوى الاشتراكية". بالنسبة لأول ناهض منذ الاستقلال الحكم الشمولي والمستبد، في حين اعتكف الثاني على الدفاع عن التعددية اللغوية وتعدد الهوية.
أما "الحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة "القبايل"، فهي نتاج للعديد من المبادرات استهدفت الاعتراف بالشعب "القبايل" وبحقوقه المشروعة. اعتمدت هذه الحركة السلمية منذ تأسيسها على القانون الدولي والعمل الديمقراطي وبذل مجهود في التفكير الهادئ وتحديد رسالة واضحة مع مطالب واقعة سواء بالنسبة لمنطقة "القبايل" أو شعبها.

في يونيو 2003 قدّم تقرير "مجموعة الأزمات الدولية" (إي.جي.سي) (International Crisis Group (ICG) ) الحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة "القبايل" كحركة "تسعى إلى تحويل غضب شباب "القبايل" إلى شكل من أشكال الاحتجاج السياسي السلمي بعيدا عن الدعوة للعنف أو استخدامه، وقد أظهرت، منذ البداية، عن قدرتها الرائعة في تعبئة المواطنين لدرجة حجب الأحزاب السياسية في المنطقة (...) ".

ترأس هذه الحركة الفنان المغني فرحات مهنى، وهو أيضا أحد المؤسسين الأربعة للتجمع الدستوري الديمقراطي والذي استقال منه منذ سنة 1997. كما خلق أيضا حركة الثقافية الأمازيغية (التنسيقية الوطنية) في 4 أبريل 1993، ثم الحركة الثقافية الأمازيغية ( الاتحاد الوطني) مع نهاية مقاطعة الدراسة في سنة 1995.

وفي ليلة 18-19 يونيو 2004، أُغتيل أمزيان مهنى، نجل زعيم "القبايل"، في باريس، و مع بداية التحقيق في النازلة استبعدت الشرطة احتمال الاغتيال السياسي وغياب أي صلة سياسية بهذه الجريمة (4).
لكن أربعة أسابيع قبل اغتيال ابنه، تلقى فرحات مهنى تهديدات بالقتل والتصفية، والآن رغم مرور ما يقرب من 5 سنوات، لازالت هذه الجريمة غامضة ودون كشف الجهة التي اقترفتها أو أمرت بها.

عموما في السنوات الأخيرة، حذرت مختلف منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، بما في ذلك "إي سي جي" (5)، الرأي العام من تدهور الوضع في منطقة "القبايل": "هذا الصراع يحمل في طياته مخاطر للجزائر قاطبة، بقدر ما يزيد من تفاقم عدم استقرار النظام ويقوض العلاقة بين "القبايل" والأمة. وبشكل عام، ظل يعكس المشكلة الأساسية للجزائر منذ حصولها على الاستقلال: غياب مؤسسات سياسية ملائمة تسمح بتمثيلية منتظمة للمصالح والتعبير السلمي عن المظالم (...)".

وينتقد التقرير أيضا: "الشطط في السلطة وسوء استعمالها الظاهر على جميع المستويات، وعدم خضوع المسؤولين للمساءلة وبالتالي يمكنهم تجاوز القانون وانتهاك حقوق المواطنين دون عقاب".

فمجموعة "إي سي جي" ليست المنظمة الوحيدة التي أشارت بأصابع الاتهام إلى النظام الجزائري، ففي أبريل 2009 تضمن تقرير منظمة العفو الدولية تنديداً مفاده أن السلطات تعمل جاهدة على تكميم الأفواه وكبح الحوار وتقييد حرية النقد وطمس الصراع الداخلي دون اعتبار عواقب هذه السياسة بالنسبة للضحايا والحالة العامة لحقوق الإنسان (6).

3- القمع، جواب الجزائر الوحيد
- في مارس 2002، جمعت ندوة بباريس عدة شخصيات من "القبايل" ذوي اختصاصات واهتمامات مختلفة (في الاقتصاد، اللسانيات، علم الاجتماع...) اعتكفوا على التفكير الجماعي لبلورة مشروع. وتزامنت هذه السنة مع انطلاق المفاوضات بين "العروش"، لجان القرى، والحكومة بعد موجة الاعتقالات التعسفية والاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية (دون أن يعني ذلك أنها ستدمج في النظام التعليمي).

- في يناير 2005، قام وفد برئاسة بلعيد بريكة، زعيم المدافعين عن قضية "القبايل" - غداة أحداث 2009 - بالتفاوض مع الحكومة لإنهاء الاشتباكات و المواجهات بين "القبايل" والسلطة المركزية ، وقدم 15 مطلبا بلورها ممثلو الجماعات المحلية بمنطقة " القبايل" (القصور). والآن بعد مضي 5 سنوات مازالت الدولة لم تحترم عدد من الالتزامات التي تعهدت بها وقتئذ.

- بصرف النظر عن تعويضات أهالي ضحايا القمع الشرس في "الربيع الأسود"، معظم الالتزامات الأخرى لم تعرف طريقها إلى التنفيذ بعد.

- في أكتوبر 2006، تم اغتيال رابح عيسات - رئيس مجلس تزي وزو منذ 2002 وعمدة قريته في "عين رايا" - عندما كان جالساً في شرفة مقهى، إذ رماه مجهول بالرصاص مصيباً رأسه وبطنه. حدث هذا الاغتيال الشنيع عندما كان حزبه، جبهة القوى الاشتراكية ، بصدد تهيئ مؤتمره للتنديد بالتغيير الدستوري المرتقب آنذاك. و رغم أن السلطات الجزائرية حاولت إلصاق هذه الجريمة للجماعة السلفية (الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، تظل الحقيقة القائمة هي "في ظل قلة الحيلة والشعور بالعجز من طرف السكان وسيادة اللامبالاة إزاء السياسة، عمل النظام على فرض قانونه، إذ لا يمكن استبعاد رغبة هذا الأخير في إلحاق ضربة قاضية لهذا الحزب، و ذلك رغم إضعافه، ظل يتوفر على تمثيلية مهمة للمواطنين. وكذلك لزعزعة منطقة "القبايل" التي عاشت انعدام الأمن والاختطاف لطلب الفدية وأنواع أخرى للسطو أضحت مزعجة و مقلقة جدا وقتئذ".

خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، دعت جميع القوى السياسية بمنطقة "القبايل" لمقاطعة اقتراع 9 أبريل. لأول مرّة هبّرت الأحزاب السياسية المعترف بها (جبهة القوى الاشتراكية وتجمع الثقافة والديمقراطية)، و"الأعراس" (حركة رأت النور خلال تمردات 2001) والحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة "القبايل"، عن رفضها لجميع الانتخابات الرئاسية السابقة.

- في سنة 2009، كشفت الحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة "القبايل" عن تهديد وترهيب عدد من أطرها و مناضليها.

- في غشت 2009، اعتقل السكان عناصر من الأمن الجزائري بـ " تادميت" في منطقة "القبايل" كانوا بصدد إدرام النار في حقول مزروعة، واندلعت اشتباكات بين الأهالي والقوات المسلحة الجزائرية عندما حاولت الإفراج عن العناصر المكلفة بإحراق الحقول وهي جرائم تكررت في عدة جهات بمنطقة "القبايل" (غابات، حقول الكروم وأشجار الزيتون وحتى البيوت).

- في أكتوبر 2009 شهدت "تيزي وزو" اضطرابات بفعل سخط الساكنة جراء تدهور الظروف المعيشية والإهمال وفشل السلطات في التعامل مع المشاكل المتراكمة من سكن وطرقات وانقطاع الكهرباء والماء والغاز، وكلها ووجهت بقسوة وبقمع شرس من طرف قوّات حفظ الأمن.

- في ليلة 9 يناير 2010 أدرمت النار في الكنيسة البروتستانية في "تيزي وزو" ، وحسب صحيفة "الوطن" الجزائرية، "تعرض هذا المبنى الديني المخصص للتعبد، للنهب من قبل أشخاص موفدين من قبل السلطات في الجزائر العاصمة" (7). إن أعمال وتجاوزات من هذا القبيل لا يمكن قبول حدوثها بمنطقة "القبايل" العميقة حيث ساد التسامح والتعايش بين مختلف الديانات إلى حدود السنوات القليلة الماضية في جو من الاحترام المتبادل.

- في 12 يناير 2010، نُظمت مظاهرتان كبيرتان بمناسبة السنة الجديدة الأمازيغية في "تيزي وزو" و"جباية" جمعتا ما يقارب 15 ألف متظاهر حسب المنظمين و7 آلاف حسب مصالح الأمن الجزائرية. ومرّة أخرى، أحرجت كثيرا هذه المظاهرات النظام الجزائري، حيث قبل يومين من تنظيمها احتجزت قوات الأمن الخاصة 10 زعماء من الحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة "القبايل" عدة ساعات في مخفر الشرطة، ولم تفرج عنهم إلا في ساعة متأخرة من الليل. وعموماً كان تنظيم هذه المظاهرات جيداً، إلاّ أنه، حسب مراقبين مستقلين تواجدوا بعين المكان، أطلقت قوات حفظ النظام العنان للعنف واستخدمت الرصاص المطاطي وأمطرت هرواتها على حشود الجماهير والمراهقين الذين تابعوا الأحداث على الهامش و دون المشاركة فيها، كما تكلمت وسائل إعلام أخرى عن "العنف البوليسي الشرس" (8) وعن "العديد من الجرحى جراء اشتباكات مع الشرطة الجزائرية" (9).

إذا كانت حدّة الاحتجاجات والأجواء المكهربة قد هدأت والمظاهرات الحاشدة قد أضحت نادرة في السنوات الأخيرة بمنطقة "القبايل"، هناك حقيقة لا يمكن نكرانها، أن التمردات الصغيرة هناك أصبحت شائعة، وحسب الصحفي خوسي غارسون، انضاف شيء جديد، " إذ أصبح تتبع كل تدخل قويّ للرجال الأمن حملات اعتقال غالباً ما تنتهي بأحكام حبيسة (10). ويضيف الصحفي: «"إلدورادو" جديد، بفضل 60 دولار من احتياطي العملة الصعبة، يظهر بوقاحة وغطرسة العافية المالية التي سمحت بها الارتفاعات المتتالية التحتية، كلها أمور تظل شاخصة للعيان» . ويتجلى إهمال الدولة ولا مبالاتها فيما يتعلق كذلك بأمن الساكنة الذين يبقون فريسة للإرهاب واللصوصية: " تزايدت شكاوى أمازيغ "القبايل" من جراء تصاعد أعمال قطّاع الطرق والاختطاف للحصول على فدية، سيما استيطان عناصر الجماعات الإسلامية المسلحة المنطقة، ومن ضمنها جماعة الأمير دروكدال التي تحمل اسم القاعدة في المغرب الإسلامي" (11). ففي غشت 2009، تم قتل أربعة أشخاص في إشكالن ببلدة تادميت في قارعة الشارع على مرأى الناس الضعفاء الذين لا حول لهم و لا قوة.

في نهاية المطاف، انخرط فعلا النظام الجزائري، وعلى عدّة مستويات، للتصدي والحد من مطالب منطقة "القبايل". وتزامن ذلك مع تنظيم حملات على الصعيد الوطني والدولي.

وطنياً، أضحى التحريض على العنف ضد حركة المطالبة بالحكم الذاتي أمراً عادياً: الاعتقالات، والنفي، والسجن و" القتل غير المبرر" وغير ذلك. وغضت الشرطة طرفها عن أعمال العنف ضد السكان في كثير من الأحيان، كما اعتمدت الدولة شكلا مفضوحاً من التراخي بخصوص تفعيل القانون ضد الجرائم والمخالفات التي تعيق السير العام بالمنطقة، و التي عملت أيضاً على عزلها اقتصادياً عبر تخصيص لها ميزانية قطرة قطرة لا تغني و لا تسمن من جوع. هذه بعض مشاهد الوضع المزري الذي تعيشه منطقة "القبايل" حالياً، والتي لم تقو على البقاء قيد الحياة إلا بفضل أموال أبنائها الذين يعيشون في الشتات خارج البلاد.

أما على الصعيد الدولي، تستخدم السلطات الجزائرية كل الوسائل المتاحة (من استخبارات ودبلوماسية وتضليل عبر وسائل الإعلام..) لإفراغ مطالب "القبايل" من محتواها وفحواها. إلا أن هذه الأساليب لم تمنع السلطات السويدية من الاعتراف بقضية الحركة أجل الحكم الذاتي لمنطقة "القبايل" كما سمحت لها بفتح مكتبها بستوكهولم.

واليوم، من الواضح أن وضعية "القبايل" حرجة جدا، فإذا كانت الحركة الديمقراطية السلمية تنتظم وتحقق بعض النجاحات، إلا أن الإمكانيات الهائلة المستخدمة من طرف الدولة للتصدي لهذه الحركة بدأت تعطي ثمارها: الوضع الأمني خطير، البطالة والجريمة في تصاعد، في حين أن الاستثمارات الوطنية والأجنبية أصبحت أكثر ندرة.
وهكذا "كوكتيل ملولوتوف" قابل للتفجير في أي وقت وهدا ما وجب أن يعيه المجتمع الدولي، وبالتأكيد الاتحاد الأوروبي، قبل أن يفوت الأوان.
ESISC إيسيسك 2010
هوامش:

(1) التقرير الأولى للجنة إسعد، 29 يوليوز 2001.
(2) نفس المصدر أعلاه.
(3) نفس المصدر أعلاه.
(4) صحيفة "لومانيتي" الفرنسية "من اغتال أمزيان مهنى، نجل فرحات" 18 يونيو 2005.
(5) (ICG) Internation Criss Group «الجزائر: التحريض والطريق المسدود في منطقة "القبايل"» - تقرير الشرق الأوسط وشمال افريقيا رقم 15 بتاريخ 10 يونيو 2003
(6) منظمة العفو الدولية: «الجزائر- ثقافة الإفلات من العقاب»، الأربعاء 8 أبريل 2009.
(7) صحيفة "الوطن" الجزائرية -10 يناير 2010.
(8) "لوماتان": «الجزائر: يوتفليقة يقمع مظاهرة المؤيدين للحكم الذاتي لـ "القبايل" – 13 يناير 2010».
(9) نفس المرجع.
(10) صحيفة "ليبرانسون": «الجزائر والغضب في الحياة اليومية»- 15 يونيو 2006.
(11) "صحيفة "ليبرانسون": "القبايل" تقاطع بوتفليقة " – 7 أبريل 2009.
 
Copyleft © 2011. آفر برس . All lefts Reserved.
Company Info | Contact Us | Privacy policy | Term of use | Widget | Advertise with Us | Site map
Template modify by Creating Website