Test Footer

مرئيات
Home » » الإمازيغ كما عرفتهم – رحلة الى قلب التاريخ – الجزء الثانى

الإمازيغ كما عرفتهم – رحلة الى قلب التاريخ – الجزء الثانى

Written By آفر برس on الاثنين، 21 فبراير 2011 | الاثنين, فبراير 21, 2011

امير المصرى
فى هذا الجزء سنشاهد لمحات عن سيوة ارض الامازيغ المصريين ..
ثلاثة سيارات انطلقت على الطريق الاسفلتى الحديث الذى لم يكن سوى مدق ترابى حتى منتصف الثمانينات .. انطلقنا نشق الصحراء جنوب مدينة مطروح فى اتجاهنا الى سيوة .. و كانت المرة الأولى التى ازور فيها هذه المدينة و رغم طول الطريق الا انى عادة لا امل القيادة على الطرق الجديدة التى اسير فيها لأول مرة ..
الصحراء شاسعة تمتد على الجانبين و كأن لا نهاية لها .. كنا فى شهر اغسطس و مع ذلك لم يكن الجو حارا كعادته فى هذا الوقت من السنة .. او ان انخفاض نسبة الرطوبة مع التقدم فى الطريق هو الذى جعل الاحساس بالحرارة يقل ..
الطريق 300 كيلومتر من مدينة مرسى مطروح حتى سيوة .. عند الكيلو 150 توقفنا عند استراحة متواضعة .. للراحة و تناول بعض المشروبات .. هذه المنطقة تسمى بير النُص .. نسبة الى البئر الموجود و هذه النقطة هى منتصف الطريق تماما ..
الرحلة قبل الطريق الاسفلتى كانت تستغرق يوما كاملا .. 24 ساعة و هذه المنطقة كانت هامة جدا .. فهى النقطة الوحيدة التى يوجد فيها ماء و نقطة اسعاف ولا شئ قبل او بعد من مرسى مطروح الى سيوة ..
كثيرا ما كان المسافرون الاغراب يضلوا الطريق و كان يجب ابلاغ الموجود فى الجهة الاخرى بموعد خروجه حتى اذا ما تأخر يتم الاتصال ببير النص هل عبروه ام لم يعبروه بعد .. حتى تخرج فرق البحث اما من سيوة او من مطروح ..
بعد توقف حوالى نصف ساعة .. تحركنا لاستكمال الرحلة الى سيوة ..
كانت المرة الاولى التى اجد فيها لافتات تحذر من وجود حيوانات تعبر الطريق .. كما رأيتها فى اوروبا تحذر من عبور الغزلان او الموس و هو نوع من الوعول .. فى هذه المرة كانت الجِمال ..
و فعلا فى هذه المنطقة شاهدت اعدادا غفيرة من الجِمال لم اشاهدها من قبل واقفة ترعى على جانبى الطريق ..
نبهنى احد المرافقين ان اهدئ سرعة السيارة لأن الجِمال عادة عند قدوم السيارة تلجأ الى قائدها او الى اقوى جمل فى القطيع فقد تعبر الطريق فجأة متجهة اليه .. و فعلا ما ان هدأت السرعة حتى اندفع جزء من القطيع منضما الى بقيته على الجهة الاخرى من الطريق .. و طبعا فى حالة صدم جمل بالسيارة و خاصة اذا كانت مسرعة فيه دمار للأثنين معا الجمل و السيارة ..
اقتربنا من واحدة سيوة عندما ابتدأنا الانحدار فى طريق هابط مشابه تماما لطريق نويبع الطريق يشق الجبل هابطا فى انحدار مستمر ..
مسيرة ثلاثمائة كيلومتر فى الصحراء ثم نشق الجبل هابطين و فجأة توقفت بالسيارة و توقفت خلفى بقية السيارات ..
مشهد لم اره من قبل .. خرجت من السيارة و انا اسبح الله و قدرته .. فأمامى تمتد فى الاسفل على البعد مساحات النخيل الشاسعة وسط محيط من الرمال الصفراء .. و ثلاثة بحيرات مائية واسعة تضيف الزرقة الى اللونين الاصفر و الآخضر .. منظر فى منتهى الجمال وسط الصحراء و على مشارف مايسمى بحر الرمال الآعظم ..
كنا واقفين عند نهاية الطريق الجبلى .. و اللوحة امامى بشكل النخيل و المياه و الرمال كأننى واقف امام منظر منحوت على جدران المقابر الفرعونية .. البيوت تقاسيم الارض .. حتى شكل النخيل و توزيعه .. و كأننى عدت الى الخلف اربعة الاف سنة ..
نظرت خلفى ثم عدت لأنظر الى سيوة .. و احسست اننى واقف عند بوابة الزمن فى بداية رحلة الى الماضى البعيد .. الى قلب التاريخ ..
عدنا الى السيارات و فى هذه المرة كنا نقود بسرعة منخفضة فقد كنت اريد ان تثبت هذه اللوحة فى مخيلتى و تطبع .. فلن اراها بهذا الشكل مرة اخرى مهما تكررت الرحلة ..
تقدمنا و دخلنا الواحة .. يمكن للزائر بسهولة ان يميز بين اهل الواحة و بين الغرباء .. حتى و ان كانت الملابس قد تتشابه .. الا ان هناك شيئ آخر يجعلك تشعر فورا من هو الاصيل و من هو الغريب .. شئ لا استطيع التعبير عنه و لكنه احساس .. مجرد احساس ..

دخلنا الى وسط البلدة لأجد امامى سيوة القديمة .. او شالى كما عرفت فيما بعد .. اثار مدينة و حصن شالى او واحة عمون كما يسميها الامازيغ الليبيون .. من هنا و قبل اكثر من 2600 سنة زحف اهل الواحة ليحتلوا الدلتا و يكون لهم فى ثبت التاريخ فترة تولوا فيها حكم مصر ..

تتكون سيوة من اربعة واحات رئيسية .. واحة سيوة او شالى .. واحة ام الصغير .. واحة اغورمى و واحة عبد الهادى و هى ملاصقة تقريبا لخط الحدود مع ليبيا و قريبة جدا من واحة يغبوب الليبية حاليا المصرية سابقا ..
يعيش فى سيوة 22 الف نسمة موزعين على احدى عشرة قبيلة منهم قبيلة واحدة هى القبيلة المستعربة .. اى التى يتحدث افرادها العربية اما الباقين فلا يتحدثون الا اللغة الأصلية لهم و هى اللغة الامازيغية ..
اصل كلمة امازيغ من اصل مزغ و يقابله فى العربية اباء اى المنيع او الشديد .. و الابىّ أمازيغ و الجمع ئمازيغن و هو الاسم الذى يطلق على هذا الشعب ..
كما قلت فى الجزء الاول ان الأمازيغ اصولهم هى قبائل البربر .. و الواقع ان البربر و الأمازيغ هم شعب واحد .. منتشر ليس فقط فى الدول العربية فى افريقيا و لكنه يمتد حسب الدراسات المختلفة عبر العالم حتى يصل الى قارة امريكا نفسها ..

توجهنا الى احدى المقاهى فى وسط البلدة .. لننتظر واحد من اهل الواحة ليكون مرشدنا الى وجهتنا هناك ..

الرجال يتحركون اما سيرا او راكبين الدراجات او السيارات البيك اب او الحمير .. اما النساء الكبار او المتزوجات فترتدى عباءة تغطيها بالكامل و هى غير شفافة و ترى من خلال فتحة التقاء دفتى العباءة و عادة تراهن راكبات عربات الكارو التى يجرها الحمير و يقودها رجل او شاب من الاسرة .. اما الشابات قبل سن الزواج و هو سن صغير عادة لا يزيد عن الخامسة عشر و ربما اقل فيتحركن خارج بيوتهن بدون هذه العباءة ..
اقترب منا ثلاثة رجال .. شابين و رجل فى الخمسينات من العمر ..كانوا هم من ننتظرهم و رحبوا بنا .. كيف عرفوا بوصولنا و نحن لم نبعث لهم احد .. تذكرت عندما قال لى احد المرافقين انهم سيعرفون عند وصولنا .. وفعلا لم تمض عشرة دقائق حتى جاؤا رافقونا لنستكمل الطريق الى وجهتنا تجاه جبل الدكرور .. فى الطريق كنت ارى بعض الرجال فى الحقول .. الحقل عبارة عن احواض كالتى شاهدناها فى الاثار المصرية القديمة نفس التقسيم و نفس الشكل حتى الفلاحين فى الارض بظهرهم المفرود و و وقفتهم و هو يعملون فى الارض .. طريقة امساكهم بالفأس و كأنهم خرجوا لتوهم عن اللوحات الجدراية المصرية القديمة .. حتى الفأس نفسها ليست كتلك التى نعرفها .. فشكلها مثل الموجودة فى المتحف المصرى ..
الطريق تحف به اشجار الزيتون بارتفاعات اكثر من 10 او 15 مترا .. الاشجار غريبة ليست كتلك الشجيرات التى اعرفها .. النخيل تراه و كأنه ينظر اليك و كأن كل نخلة تتكلم مع شقيقاتها و يشيرون اليك من بعيد .. فى نداء صامت تجد نفسك منجذبا اليهم و كأنهم عرائس البحر فى الاساطير اليونانية القديمة .. و لكن هنا لا يأخذن حياتك بل يعطينك حياة و شعورا لم و لن تشعر به خارج هذه الجنة .. النباتات تحتضن الطرق الضيقة بالكاد تتسع لسيارتين و الجوانب كلها اشجار .. كلما تذكرت تلك الصحراء الرابضة حولها .. تعجبت من هذه الجنة الوارفة التى نحن فيها ..
بعد جولة طويلة فى المدينة اتجهنا الى منزل هذا الرجل .. المنازل كلها مبنية من خامة محلية و هى القورشيف او الكورشيف او الخورشيف .. كما يطلق عليه اهل البلد .. و حقيقة هو لا ينطق لا كاف ولا قاف ولا خاء و انما خليط من الثلاث حروف معا ..
و القورشيف عبارة عن رمال اختلطت بالملح الناتج من مياه الصرف الزراعى المتراكم عبر الاف السنوات و الذى كون هذه البحيرات الواسعة الثلاث .. فتكون ما يشبه الحجر الرملى .. قاسى و خشن و لكنه لا يقاوم المياه ..
البيوت مازالت محتفظة بالتصميم القديم الذى يعود الى اخر مراحل تطور العمارة المصرية القديمة .. فقد كان معروفا ان قدماء المصريين و ان كانوا يبنون معابدهم من الحجارة الا ان بيوتهم كانت تبنى اما من الطين او من الرمل المخلوط بالملح و الجير .. ( الطوف كما يطلق عليه فى الدلتا )

عندما تدخل البيت لا تجد اى نوع من الاثاث و انما شلت او حشيات تصطف الى جوار الحائط فى ضلع او اثنين او ثلاث .. و بمجرد دخولك .. يأتى ابناء الرجل لتحية الزوار و اذا كانت هناك نساء فتدخل الضيفات الى حيث نساء البيت لمقابلتهن و التعرف عليهن ان كانت العلاقة تسمح بهذا ..
من غير المسموح ان يجالس الصغار الكبار .. بل عمل الصغار هو خدمة الكبار .. بمنتهى الهدوء و بدون تذمر و بابتسامة هادئة هى سمة الجميع فى هذه الواحة ..
رغم ان البيئة زراعية و رملية .. الا ان نظافة الشوارع ملحوظة فى هذه الواحة .. فلا تجد قمامة عند نواصى الشوارع او اوراق يطيرها الهواء .. او بقايا نباتات او مزروعات ..
لاحظت ان الحمير هناك عفية جدا .. و عيونها تلمع و الصحة بادية عليهم .. فسألت الحاج احمد وهو السيوى الذى قابلنا فكان رده .. ان طعام الحمير هو التمر .. فلابد ان تكون صحته ممتازة .. تعجبت .. هل يطعمون الحمير التمر الذى يعيشون منه و من ثمنه .. فقال لى التمر الذى يسقط من النخيل لا يأكلوه و لا يصلح للبيع و انما يقدموه اكل للحمير و ختم كلامه بأن اغلى حمار فى السوق المصرية هو الحمار السيوى .. !!
 
Copyleft © 2011. آفر برس . All lefts Reserved.
Company Info | Contact Us | Privacy policy | Term of use | Widget | Advertise with Us | Site map
Template modify by Creating Website