Test Footer

مرئيات
Home » » الكتابة الأمازيغية "التيفيناغ" من أقدم الكتابات

الكتابة الأمازيغية "التيفيناغ" من أقدم الكتابات

Written By آفر برس on الجمعة، 14 يناير 2011 | الجمعة, يناير 14, 2011

موضوع قيم منقول على اكثر من موقع
يعد الغنى اللغوي من الخصائص الرئيسية للفضاء المغاربي. ولقد ظل التعدد اللغوي واقعا يسم هذا الفضاء منذ فجر التاريخ وحتى يومنا. فمنذ مجيئ الفينيقيين حتى يومنا هذا، مرورا بالقرطاجيين والرومان و العرب و الأتراك... وجدت دائما بالمنطقة المغاربية مجموعات اجتماعية تستعمل لغتين أو أكثر يختلف مستوى التمكن منها حسب المناطق.

 ولم تعرف الكتابة المغاربية مرحلة ما قبل الأبجدية التي تطبع المسار الكلاسيكي لتطور الكتابة (رموز أفكار، كتب هجائية). هذا مع العلم أنه، ومنذ الحقبة القبالية، صار فن الرسم على الحجر الشمال أفريقي يعتمد نظاما هندسيا ما لبث أن انتشر وتعمم خلال العصر الممهد للتاريخ ليشمل كل نواحي الشمال الأفريقي. وهناك من الباحثين من يؤكد أن الرسوم المنتمية إلى الحقبة القبالية يمكن اعتبارها حروفا هجائية.

  
في موضوع الصورة والرمز 
من المحتمل أن يكون اللجوء إلى الكتابة قد سبقه استعمال وسائل تعبيرية أكثر بساطة (الصور والعلامات والرموز...) محملة بإشارات معبرة. وإذا كان ابتكار الكتابة في الفضاء المغاربي قد صار متأخرا بالنسبة لباقي المناطق المتوسطية وخاصة الشرقية منها، فإن اللجوء إلى بعض أشكال التعبير ثابت بالنسبة للحقبة السابقة على العصر التاريخي. إن عدد الرسوم الحجرية وانتشارها في مجموع الأرض المغاربية وتنوعها تبرهن على إرادة إنسان هذه المنطقة في التواصل مع الآخر...

  
الرسوم الحجرية 
اكتشفت آلاف الصور المحفورة في الحجر في الشمال الأفريقي، ولكنها لا ترجع كلها إلى الأزمنة الماقبل تاريخية. تنقسم هذه الصور بوجه عام إلى نوعين : نوع يسمى اللوبي – البربري، يتواجد بكثرة جنوب المغرب و في الغرب الجزائري و في الصحراء كلها. وهذا النوع تميزه صور، رسوم ذات أحجام صغيرة مرسومة بواسطة خطوط منقوطة أو رقيقة نلحظها في كتابة تيفيناغ. وهي كتابة تراوح بين الكتابة اللوبية القديمة والتيفيناغ الذي يستعمله الطوارق حاليا. ولقد وضعت مثل هذه الصور والكتابات الحجرية خلال فترة تمتد حتى القرون الوسطى. أما النوع الثاني، وهو الأقدم، فيتميز بطريقة أعمق في وضع الرسوم تقوم على تصوير كائنات حيوانية اندثرت اليوم من الشمال الأفريقي.

 وتخبرنا الموضوعات التي تتناولها هذه الرسوم عن الأزمنة القديمة والحيوانات وعن الناس بل وحتى عن بعض جوانب نمط عيشهم. وتتمثل الموضوعات الرئيسية فيما يلي :
  • 1. مجموعة الحيوانات تتضمن حيوانات برية كالسنوريات والكركدان والغزال، والضبي، والفيل، والخيليات والضبع والنعامة، والعظاية وبعض أنواع الأرخ، وغيرها، وكذلك حيوانات داجنة كالبقريات الكثيرة وكذلك الخيول والجمال والكلاب، وغيرها.
  • 2. أسلحة متمثلة في الدروع والخناجر والطبور والفؤوس والسيوف، ورؤوس النبال والرماح والأقواس وعصي الرماية، وغيرها. كما توجد رسوم لعربات. 
  • 3. أما الرسوم التي تصور حالات بشرية فتشير إلى مشاهد الرعي والصيد والحرب والنكاح أومشاهد تعبدية (مثلا : المعبودات المتراكبة في شكل كمان التي عثر عليها في موقعي أوكايمدن وياغور).
  • 4. أشكال هندسية أو رمزية غير محددة كالكويسات ، ومحيط الرجل والرسوم الشبكية الشكل، والرافدات والورديات، وغيرها.
  • 5. الكتابة اللوبية – الأمازيغية التي غالبا ما تنشأ إلى جانب رسوم حجرية أخرى.
 لقد حاول الباحثون الذين اهتموا بفن الرسم الحجري المغربي أن يضعوا تسلسلا للأحداث يسمح بالتعبير عن المراحل الكبرى التي ترسم معالمها من خلال الموضوعات أو الطرق التي وضعت بواسطتها الرسوم. ولكن المشاكل المرتبطة بالتأريخ تظل مطروحة بالكامل نظرا لضآلة العناصر الموثوقة. ومع ذلك فإنه يمكن إقرار تسلسل زمني نسبي يعتمد على ما يلي :
  • 1. الأنواع الحيوانية والأشياء المرسومة (الكركدن انقرض منذ أن أصيبت الصحراء بالجفاف، أما الأسلحة المصنوعة من مواد معدنية فيرجع ظهورها إلى العصر المعدني) ؛
  • 2. المادة التي تظهر على الصور الحجرية والمواد بفعل الزمن والشمس : ذلك أن الخط الداكن غالبا ما يكون أقدم من الخط ذي اللون المفتوح ؛
  • 3. تراكب الرسوم الحجرية الذي يشهد على التسلسل الزمني ؛
  • 4. أسلوب الرسم (فأسلوب ”كازينا“ يتميز بخط مصقول وعميق وبأعضاء رفيعة تلتقي فيما بينها ؛ أما الأسلوب اللوبي – البربري فميزته الرسم بالتنقيط وغياب التقاطيع الواضحة وغلبة الرمز والميل إلى التزيين، الخ.)
  • هذا التراث من النقوش على الصخر الذي يحتضنه الفضاء المغاربي يرسم مشاهد مستوحاة من الحياة اليومية أو معتقدات كانت عند الإمازيغن القدماء. وهي طريقة تضمن حياة أبدية للرسالة وتبليغها.. دون اللجوء إلى الكلام !
زخرفة الحوانيت
زخرفة الحوانيت في تونس (وهي قبور منحوتة في سفوح التلال) تبلغ رسالة ما دامت تحكي عن حياة ما سواء تلك التي عاشها الشخص المدفون قبل وفاته أو حياة عقلية من العقليات في لحظة معينة من تاريخ المجموعة البشرية. ويعود هذا النمط من التعبير في غالب الأمر إلى العصر النيوليتي (عصر الحجر المصقول). إن الصور الجدارية لمنطقة تاسيلي تعبر تماما عن هذا القدم. فكل أطراف الشمال الأفريقي وحتى اليوم تحتضن رسوما ولوحات صبغت بالمغرة ؛ ولا تنتمي كلها لعصر ما قبل التاريخ ؛ أما زخرفة الحوانيت فتنتمي إلى العصر التاريخي، وإلى النصف الثاني من الألفية الأولى في الغالب الأعم. أما العلاقة بين الزخرفة المنتمية إلى عصر ما قبل التاريخ وبين تلك الأقرب إلينا فتتمثل في اختيار الموضوعات وفي المنظومة الرمزية وفي الأشكال الموضوعة التي عادة ما تكون شعبية أو ”ساذجة“. وهنا مكمن مصدر صعوبة التأويل. أما زخرفة الحوانيت فيتضمن العديد من الموضوعات : أشكال هندسية، زخرفة مستوحاة من العالم النباتي، رسم الحيوانات، مشاهد رعي أو إبحار، صيغ معمارية، مشاهد ثقافية، مشاهد خرافية...

تراث رمزي ظل حيا حتى القرون الوسطى
وإذا تركنا جانبا الاستعمالات الكثيرة للعلامات والرموز في مختلف أوجه حياة الشعوب المغاربية خلال العصر الوسيطي، فإن دراسات حديثة قادت إلى اكتشاف فضاء واسع من الأضرحة يعود تاريخه ربما إلى الفترة الأولى من العصر الوسيطي ويتضمن العديد من النقوش على الحجر ما تزال معانيها غير مفهومة حتى اليوم.
نقطة انطلاق هذا الفضاء هي مقبرة سيدي بوعمار الكائنة على بعد كيلومترين تقريبا جنوب مدينة المحمدية قرابة المحيط الأطلسي على الضفة اليمنى من وادي الملاح. ويحتضن الجزء المهجور من المقبرة عشرات القبور التي تغطي التربة مسلاتها التذكارية. أما القبور المكشوفة فلها جميعها مسلات حجرية منحوتة يكتنفها الغموض نظرا لما تحمله من علامات ورموز ورسوم غامضة لا يمكن مقارنتها لا بالشواهد الإسلامية ولا بالمسلات القديمة. ولقد سبق لألكسيس دنونيAlexis Denis خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين أن اكتشف مقابر أخرى مماثلة قرابة رأس بدوزة شمال آسفي. وإلى حدود الآن فإن مواقع المقابر المكتشفة لا تخرج عن الفضاء الجغرافي الذي كان البرغواتة يسكنونه، وهي تلك الكنفدرالية القبلية التي كانت توجد بالسهول الأطلسية لتامسنا. ولابد والحالة هذه أن يتساءل المرء عما إذا كانت هذه المقابر تشهد على القرون الثلاثة التي عاشت خلالها هذه الحضارة والتي يصعب جدا لمس ملامحها من خلال المصادر الأدبية. فمن غير الممكن أن يقبل المرء بأن هذه المجموعة البشرية المعروف عنها أنها أنشأت دينا خاصا بها امتزجت فيه المسيحية واليهودية والإسلام بأعمال السحر وبالتقاليد البربرية، قد انقرضت هكذا دون أن تترك أي دليل مادي يشهد على جانب من معتقداتها الغامضة. فإذا كان من غير الممكن الآن تقديم أي تأويل لتلك المسلات، فإنه من الراجح أن يكون الأمر يتعلق بعلامات سحرية – دينية.

ابتكار الخط اللوبي
يقدر عدد النقيشات اللوبية القديمة المعروفة حتى الآن في المنطقة المغاربية بأكثر من 130 نصا. ونعني "بالكتابة االلوبية" تلك التي يرجع تاريخها للمرحلة ما قبل الإسلامية. هناك نصوص أخرى كثيرة العدد وحديثة وجدت بالصحراء. هذه الأخيرة تتخذ صيغا مختلفة ولكنها في الغالب الأعم صيغ مشتقة من الخط اللوبي القديم. يتعلق الأمر بالنقيشات بالتيفيناغ، اللغة المستعملة حتى أيامنا هذه من طرف الطوارق.أما المجال الجغرافي الذي تغطيه هذه النقيشات فيمتد على مجمل أرض شعوب الإمازيغن من جزر الكانارياس حتى ليبيا ومن البحر المتوسط حتى النيجر. أما النقيشات اللوبية فتنتشر في المغرب والجزائر وتونس وليبيا مع تغيير في الكثافة والتسلسل الزمني. فالمملكة القديمة للملوك النوميديين (الشمال الغربي التونسي، الشرق الجزائري) هي التي وفرت أكبر عدد من النقيشات، وهذا هو الأمر الذي جعل هذا الشكل من الكتابة يسمى في البداية "نوميدي". وهذه المنطقة كذلك، وخاصة منها موقع دوكة الكبير، هي التي وجدت فيها كتابات مزدوجة اللغة (لوبية – بونية) سمحت بفك رموز بعض النصوص الرسمية. هذا مع العلم أن الحفريات لم تستكمل بعد وهناك اكتشافات جديدة تنضاف باستمرار إلى الرصيد الموجود في مختلف المناطق المغاربية ولا أدل على ذلك من الاكتشافات الجديدة التي تحققت أخيرا في الجنوب المغربي.

 
في الأصول
على الرغم من التقدم الذي حققته الأبحاث المنجزة خلال السنوات الأخيرة، فإن كثيرا من الجوانب المتعلقة بالخط اللوبي لم تحظ بعد بتفسير يذكر. ومن بين القضايا التي كانت متار جدل مسألة الأصول، بحيث يظل من الصعب تحديد أصل الخط اللوبي خاصة وأننا لا نتوفر إلا على قليل من الكتابات المضبوطة زمانيا. لقد اعتبر الخط اللوبي لفترة طويلة خطا مشتقا من الخط الفنيقي، دون التمكن من الوقوف على المسلسل الذي أقيمت عبره تلك العلاقة. ولقد استند المدافعون عن هذه الأطروحة في تبرير موقفهم على وجود علامات مشتركة بين الخطين، وعلى تسمية صيغة الخط اللوبي الحالي بالتيفيناغ، وفي مقابل ذلك هناك عناصر أخرى تتعارض مع مقولة "الأصل البوني" للخطين. فكتابة الحروف البونية تتم على نحو متصل في حين أن الحروف اللوبية ذات زوايا وهندسية. كما أن هناك اختلاف في اتجاه الكتابة. فالكتابة البونية تتم على نحو أفقي من اليمين إلى اليسار في حين أن الكتابة اللوبية تنجز في الغالب عموديا. النقيشات الرسمية المكتشفة في منطقة دوكة والتي كتبت في شكل خطوط أفقية تبدو متأثرة بالخط البوني. أما الذين حاولوا إيجاد اشتقاق بين الخط اللوبي والكتابات الشرقية فإنهم أزاحوا من اهتمامهم احتمال أن يكون هناك ابتكار واكتفوا بفكرة إدخال الخط إلى المنطقة. أما اليوم فإن عدد الباحثين الذين يعتقدون في الأصل المحلي لهذه الكتابة في تزايد متواصل.

التسلسل الزمني
ليس الأصل وحده مثار نقاش، بل التأريخ لبداية ظهور هذه الكتابة كذلك. فمعظم النقيشات المكتشفة ترتبط بالأضرحة ولا تحمل أية علامة قد توحي بتاريخ وضعها. كما أن هناك نصوصا متراكبة مع نقوش حجرية يعود تاريخها لعصر ما قبل التاريخ الأمر الذي يزيد في تعقيد قضية التأريخ. خلال فترة طويلة تم اعتماد تسلسل زمني قصيرا أعطى دورا حاسما لتأثير الكتابة البونية في تشكل الحرف اللوبي. ولقد انبنى هذا التأريخ على أصل الكلمة المسماة تيفيناغ، التي كانت تعني في الأصل "البونيون" (Punique) وعلى أدلة نوميدية كشفت عنها النقيشات المزدوجة اللغة(البونية – اللوبية) التي وجدت في منطقة دوكة التونسية. وتحمل إحدى هذه الكتابات تاريخا : يتعلق الأمر بالنقيشات الحجرية الموجودة في معبد مارا سينيسا التي يرجع تاريخها إلى لحظة بناء المعبد في السنة العاشرة من عهد هذا الملك النوميدي، أي لسنة 139 قبل بداية التاريخ المسيحي. فهذا التأريخ لا يبتعد عن لحظة وضع هذه النقيشات الحجرية. وبالتالي بالكتابة، أبعد من القرن الثاني لما قبل المسيح وفي أقصى الأحوال القرن الثالث لما قبل المسيح.
ولكن يتزايد الاعتقاد اليوم بأنه وجب البحث في بدايات الكتابة اللوبية في زمان أبعد من ذلك. وتعد الصورة المحفورة على الصخر في عزيب ذإكيس في الأطلس الكبير المغربي الوثيقة المفتاح التي تدعم هذه الفرضية. فهذه الصورة المكتشفة في سنة 1959 تتضمن كتابة حجرية لوبية من 15 حتى 16 حرفا موضوعة داخل إطار بيضاوي عمودي خاص بأسماء أشخاص. ويلاحظ في هذه الحالة أن طريقة التخطيط ومحيط الخط والأسلوب تتطابق مع نقوش العصر البرونزي. ويعتقد ج. كامبس اعتقادا قويا أنه "حتى لو تم تشبيب الظرفية الأركيولوجية لأقصى مدى" فإن هذه النقيشة الحجرية تعود لزمن سابق على الحقبة الممتدة بين القرنين الخامس والسابع قبل المسيح. وهناك العديد من الباحثين الدين يتفقون على عدم إزاحة فرضية قدم بعض النقيشات اللوبية الموجودة في الأطلس الصحراوي والصحراء الوسطى وفي العايير وفي الأطلس والجنوب المغربيين. أما الحجة المعتمدة من جانب القائلين بفكرة الأصول القديمة لهذه الكتابة والتي تذهب أحيانا أبعد من 1500 عاما قبل المسيح فهي تزامن ما تشهد به النقيشات مع ما تشهد به الصور واللوحات الملونة الحجرية.

 
الجغرافيا
يتميز الخط اللوبي بظاهرة تنوعه الإقليمي البارزة. تأتينا أغلب النقيشات من فضاءات قريبة من دائرة الحضارة البونية اللاتينية : شمال تونس، الشمال القسطنطيني، شمال المغرب. وتبرز خريطة توزيع الكتابات اللوبية في المنطقة المغاربية وجود عدم توازن كمي بين هذه المناطق وباقي الفضاء المغاربي.
وضع اعتبر في وقت سابق حجة تؤكد الأصل البوني لهذه الكتابة. ولكن عدم التوازن هذا يمكنه أن يكون ناجما عن عدم اتزان استراتيجيات التنقيب الأركيولوجي التي اهتمت بإلحاح بالمناطق التي خضعت للثقافات الأجنبية على حساب المناطق التي بقيت أصيلة. ولابد من الإشارة هنا أنه على الرغم من العدد القليل من النقيشات التي عثر عليها خارج الفضاءات البونية اللاتينية الشمال أفريقية، فإن ما يتم العثور عليه من نقيشات يتضمن معلومات تاريخية وموضوعية هامة.
لقد اعتاد المختصون منذ القرن التاسع عشر على التمييز بين نوعين من الحروف اللوبية : الحرف الشرقي والحرف الغربي. وحتى وإذا كان هذا التمييز يعكس الفوارق الموجودة بين الحروف الهجائية المستعملة في الكتابات غرب تونس وتلك المعتمدة في كتابات الغرب المغاربي، فإن هذه الخطاطة تكاد تكون اليوم متجاوزة. ذلك أنه يبدو أن المنطقة حفلت بأنواع كثيرة من الحروف الهجائية كما حفلت بتعدد إقليمي كبير.
لقد ساهمت عوامل كثيرة في هذا التنوع الذي ميز الكتابة اللوبية و تمثل أهمها في التسلسل الزمني للحروف الهجائية وفي التأثيرات التي كانت لأنواع الكتابة الأجنبية وخاصة منها الكتابة الفنيقية – البونية وكذا التشتت الاجتماعي الذي عانت منه الكيانات الإثنية في المنطقة المغاربية. لذلك أمكن الحديث عن الكتابات اللوبية.

 
القراءة
الكتابة اللوبية ما تزال تثير مشاكل مرتبطة بفك رموزها وبقراءتها. فقليلة هي النقيشات الحجرية المنتمية لهذا الحيز اللغوي التي تمت قراءتها حتى الساعة. فالنقيشات اللوبية المسماة شرقية التي تم فك رموزها هي تلك التي وضعت ضمن نقيشات مزدوجة اللغة. أما باقي النقيشات الحجرية والتي غالبا ما ترتبط بالأضرحة فتظل قراءتها حتى اليوم مستحيلة. فالكتابة اللوبية الشرقية، وهي كتابة صوامتية بالأساس، شأنها في ذلك شأن اللغات السامية، تتكون من 24 علامة. يقول فولجينسي Fulgence، وهو مؤلف ينتمي إلى القرن الخامس، إن عدد علامات الكتابة اللوبية هو 23. أما بالنسبة للكتابات الغربية فمن باب المستحيل الأخذ بأية فرضية بخصوص ما تتضمنه من علامات. وعلاوة على ذلك فإنه يلاحظ اختلاف في العلامات المستعملة في النقيشات الحجرية الجزائرية والمغربية.
 
خلاصة
إن الأبحاث القادمة مطالبة برفع أوجه الغموض التي تكتنف هذه التجربة التعبيرية ويذكر على وجه الخصوص التأريخ للتمظهرات اللوبية الأولى المرتبطة بفن الرسم على الحجر. إن مسلسل الانتقال من الأسلوب التصويري إلى العلامات الهندسية التي تسم فن الرسم على الحجر تم الانتقال إلى الحروف الهجائية موضوع ما يزال يستقطب انشغال الباحثين. هذا دون الحديث بالطبع عن مشكل فك رموز الكتابات اللوبية الذي يظل قائما برمته. لا شك أن التقاليد الكتابية اللوبية تواصلت في شكل تيفيناغ خلال العصر الوسيط وخلال الحقبة الراهنة. ومع ذلك فإن هذه الكتابة، شأنها في ذلك شأن اللغة التي تعبر عنها، لم تقم في يوم من الأيام مقام أداة لنقل المعرفة. ما هو السبب في ذلك ؟ هذا هو السؤال...
 
Copyleft © 2011. آفر برس . All lefts Reserved.
Company Info | Contact Us | Privacy policy | Term of use | Widget | Advertise with Us | Site map
Template modify by Creating Website