أمازيغ قدماء يتزينون بريشتين
عندما يستاء مصري من شخص يعتقد أنه غير منصف معه، يسأله "هل على رأسك ريشة؟"، وهو سؤال غريب.. فلما سيحمل ريشة على رأسه خاصة وأن الطرف الآخر لا يحمل ريشة بشكل واضح؟ إنها باعتقادي بقايا مصرية فرعونية. فالعبارات المتداولة والمتجذرة في المجتمع قد تتحجر لتصمد أمام عوامل التعرية الثقافية واللغوية. فلو علمنا أن المغاربة لا يأكلون الأخضر لتعجنا لذلك، ولتساءلنا ومن أين يحصلون على اللحم الأخضر؟ والحقيقة أن اللحم المقصود هو اللحم النيء، ولا علاقة لذلك بلون اللحم إطلاقا، وباختصار فالعبارة تجذ جذورها في اللغة الأمازيغية، فاخضر تشير أصلا إلى خضرة النبات الغير الناضج.. فعمم على غيرها من الحالات.
لا شك أنه قد ترسخ لدينا تصور سكان أمريكا الأصليين بريش يزين زعماءهم، لكن هذه الظاهرة كانت موجودة في شمال افريقيا، وهو حفظته لنا سجلات مصر القديمة، ونجدها منتشرة في معالمها القديمة كزينة لأربابها، ولعل الألاه آمون أبرزها.
بالطبع، سنكتشف أن علم المصريات قد أعطى انطباعا بأنه فسر وفهم كل المظاهر الحضارية المصرية الفرعونية، لكن بالرغم من ذلك فإن تلك القناعات تبقى أحيانا متسرعة نوعا ما، واسم آمون نفسه يعتبر مثالا لذلك، فالمصريات تحسم في أنه اسم مصري يعني "الخفي"، فماذا عن وجوده في المعتقدات الأمازيغية؟ سؤال يبقى ساذجا، لأن علماء المصريات اعتبروا وجوده عند الأمازيغ صدى واضحا للحضارة المصرية.
هذا الرب آمون -بغض النظر عن أصله- تميز بريشتين، وهاتين الريشتين تمثلان سلطة متميزة كما تدل على ذلك عبارة المصريين السالفة الذكر. وهنا يجب أن نستحضر أن المصريين القدماء رسموا زعماء أسلاف الأمازيغ بريشتين. فالريشتان تجسدان سلطة الشخص القائد عند الليبيين. فهل يمكن القول أن الريشتان من مميزات الليبيين؟ شخصيا سأجيب بالأيجاب، لأنه على حد علمي لم يتزين الفراعنة المصريون بهما، ولعل أبرز إشارة لليبية -ليبيا كانت تعني افريقيا دون مصر- هذه الزينة هي ارتباطها بأرض الليبيين في أذهان المصريين القدماء، لأنها كانت تشير للغرب (غرب مصر).
الرب آمون وعلى رأسه ريشتينأما السؤال التالي فهو: أين يتجلى وجود هذه الثقافة عن أسلاف الأمازيغ (الليبيون القدماء)؟ من المعروف أنه لم يتسنى للأمازيغ أن يسجلوا تاريخهم بشكل جيد والأسباب المتعدة ليست موضوعنا.