شغلت قضية الإله بوسيدون الأذهان، وحارت في تفسير نشأة عبادته، وفي التحكم على قول هيرودوتس إن اليونان ما عرفوا بوسيدون -وهو الذي يلي زيوس الأله الأكبر في المرتبة- إلا من الليبيين. وقد قامت السيدة Jean Allen Harrison في كتابها Mythology الصادر عن دار Cooper Square نيويورك 1963م. بتحليل هذه القضية وإصدار حكم قاطع فيها. تقول السيدة جين ما خلاصته: إذا لم يكن هناك بوسيدون الأله فلا شك أنه وجد عباد بوسيدون. والسؤال الذي نطرحه: من كان هؤلاء العباد وما كانت بيئتهم؟.
وفي رواية (سبعة ضد طيبة) لأسخيلاوس ﺗﺼﻠﻲ الجوقة (أي بوسيدون: أيها الجواد الجامح، يا من تحكم البحر بصولجان سيف الأسماك، أزل عنا مخاوفنا).
ويظهر بوسيدون عند سوفوكيلس في (أوديب) وعند أرستوفان في (الفرسان). وعلى خزفية كورنثية يمثل بوسيدون راكبا جوادا. وفي (ترنيمة إلى أبولو) الهومرية نرى "غابة بوسيدون المشرقة" فماذا يفعل إله البحر في غابة؟.. كيف يكون بوسيدون صيادا وخيالا في نفس الوقت، وهما قضيتان متعارضتان؟!
وقد وجدت لوحة تشير إلى أول استيراد للخيول في جزيرة كريت، وعلى أفواه هذه الخيول لجم، وهي عادة لم تكن عند الأسيويين أو الأوروبيين بل كانت لدى الليبيين. ويظهر بوضوح أن الجواد الموجود على الختم الكريتي من سلالة ليبية كريمة، ويدل ذيله الذي هو على شكل نافورة على أصله، والواقع أننا لم نسمع أبدا أن الكريتيين ركاب خيل كما لم نعرفه عن الأرغوسيين ولا التساليين، ونستطيع فهم حكم هيرودوتس على ضوء هذا الجواد الليبي الذي ذكرناه. كما يخبرنا هيرودوتس أن الأغريق تعلموا من الليبيين كيف يقرنون أربعة خيول في عرباتهم وقد صور الشعراء هذه (العطية) الليبية في الأيام الأسطورية. وفي (الترنيمة البيثانية) الرابعة لبندار تصوير لنبوءة ميديالياسون بتأسيس قورينا والتغيير العجيب الذي سيطرأ على المستوطنين فيها من صيادي البحر إلى راكبي عربات.
وفي (آرغوناوتكا) أبوللونيوس الرودسي يقص علينا نبأ لقاء سابق بين رجال منياس مع بوسيدون الحصان في ليبيا. ولنذكر أنه يأتي ببحارته من كريت إلى ليبيا التي هي في الواقع أقرب نقطة من القارة الإفريقية. ويقع البحارة ويجنحون بتعاسة إلى السباخ الضحلة في سرت حتى (جاء إلى المنانيتيين عابر غريب رائع إذ قفز من البحر إلى البر حصان بري..كان حصانا ضخما يتطاير عرفه مع الريح، فرفس بخفة زبد البحر المالح بحوافره مسخرا الريح لتجري).
وتختم السيدة جين حديثها بقولها: في ليبيا -وفي ليبيا وحدها- يظهر سبب بسيط وطبيعي لأن يكون الأله جواب البحار إلها جوادا. لأننا نجد في ليبيا تقليدا ثابتا لسباقات الخيول التي كانت أعجوبة العالم القديم. وقد ظهرت قصة Pegasus الجواد المجنح - في ليبيا. ومن هنا لا بد أنها نقلت عن طريق عباد بوسيدون إلى اليونان.
المصدر: نصوص ليبية لفهمي خشيم على هامش الصفحة 18.
----------------
هامش:
وفي رواية (سبعة ضد طيبة) لأسخيلاوس ﺗﺼﻠﻲ الجوقة (أي بوسيدون: أيها الجواد الجامح، يا من تحكم البحر بصولجان سيف الأسماك، أزل عنا مخاوفنا).
ويظهر بوسيدون عند سوفوكيلس في (أوديب) وعند أرستوفان في (الفرسان). وعلى خزفية كورنثية يمثل بوسيدون راكبا جوادا. وفي (ترنيمة إلى أبولو) الهومرية نرى "غابة بوسيدون المشرقة" فماذا يفعل إله البحر في غابة؟.. كيف يكون بوسيدون صيادا وخيالا في نفس الوقت، وهما قضيتان متعارضتان؟!
وقد وجدت لوحة تشير إلى أول استيراد للخيول في جزيرة كريت، وعلى أفواه هذه الخيول لجم، وهي عادة لم تكن عند الأسيويين أو الأوروبيين بل كانت لدى الليبيين. ويظهر بوضوح أن الجواد الموجود على الختم الكريتي من سلالة ليبية كريمة، ويدل ذيله الذي هو على شكل نافورة على أصله، والواقع أننا لم نسمع أبدا أن الكريتيين ركاب خيل كما لم نعرفه عن الأرغوسيين ولا التساليين، ونستطيع فهم حكم هيرودوتس على ضوء هذا الجواد الليبي الذي ذكرناه. كما يخبرنا هيرودوتس أن الأغريق تعلموا من الليبيين كيف يقرنون أربعة خيول في عرباتهم وقد صور الشعراء هذه (العطية) الليبية في الأيام الأسطورية. وفي (الترنيمة البيثانية) الرابعة لبندار تصوير لنبوءة ميديالياسون بتأسيس قورينا والتغيير العجيب الذي سيطرأ على المستوطنين فيها من صيادي البحر إلى راكبي عربات.
وفي (آرغوناوتكا) أبوللونيوس الرودسي يقص علينا نبأ لقاء سابق بين رجال منياس مع بوسيدون الحصان في ليبيا. ولنذكر أنه يأتي ببحارته من كريت إلى ليبيا التي هي في الواقع أقرب نقطة من القارة الإفريقية. ويقع البحارة ويجنحون بتعاسة إلى السباخ الضحلة في سرت حتى (جاء إلى المنانيتيين عابر غريب رائع إذ قفز من البحر إلى البر حصان بري..كان حصانا ضخما يتطاير عرفه مع الريح، فرفس بخفة زبد البحر المالح بحوافره مسخرا الريح لتجري).
وتختم السيدة جين حديثها بقولها: في ليبيا -وفي ليبيا وحدها- يظهر سبب بسيط وطبيعي لأن يكون الأله جواب البحار إلها جوادا. لأننا نجد في ليبيا تقليدا ثابتا لسباقات الخيول التي كانت أعجوبة العالم القديم. وقد ظهرت قصة Pegasus الجواد المجنح - في ليبيا. ومن هنا لا بد أنها نقلت عن طريق عباد بوسيدون إلى اليونان.
المصدر: نصوص ليبية لفهمي خشيم على هامش الصفحة 18.
----------------
هامش:
- يقول هيرودوت حرفيا عن أصل بوصيدون:
- وتلك المعبودات التي يزعمون (يقصد المصريين) عدم معرفتهم لها ، وعلمهم بها ، يبدو لي ، أنها كانت ذات أصول وخصائص بلسجية ما عدا بوسيدون ، فإن معرفة الإغريق لهذا الإله ، قد كانت عن طريق الليبيين ، إذ ما من شعب انتشرت عبادة بوسيدون بين أفراده منذ عصور عريقة غير الشعب الليبي ، الذي عبده أبدا ، ومنذ القديم. {الكتاب الثاني: 50}.
- ليبيا: هي القارة الأفريقية أو ما عرف عنها في عصر هيرودت.
- الليبيون: هم أحد المجموعات التي سكنت ليبيا (وليس كل سكان ليبيا) وهم أسلاف الأمازيغ.