Test Footer

مرئيات
‏إظهار الرسائل ذات التسميات آراء. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات آراء. إظهار كافة الرسائل

إرهاب النساء في الشارع الخلفيات والأهداف

Written By آفر برس on الثلاثاء، 31 يوليو 2012 | الثلاثاء, يوليو 31, 2012

الثلاثاء، 31 يوليو 2012

إرهاب النساء في الشارع الخلفيات والأهداف

 
تحاول بعض الأطراف التقليل من شأن حوادث العنف والاعتداء الشنيع التي يرتكبها أصوليون ضدّ النساء، والتي أصبح الشارع المغربي مسرحا لها بشكل متزايد. الذريعة التي يتمّ إيرادها أن الأمر يتعلق بحالات جنون فردية وانحراف لبعض الأشخاص، وليس ظاهرة عامة، والحقيقة أن الأمر ليس كذلك، بل هو خطة مبيتة تتم في تواطؤ غير مباشر وغير معلن بين المحافظين والمتشدّدين الدينيين بكل فصائلهم وتياراتهم، والهدف واحد هو إحكام السيطرة على الفضاء العام، عبر إرغام الناس على الإنصياع لقيمهم التي لم يفلحوا في جعلها نمطا سائدا وعاما عبر الدعوة الحضارية والتبشير السلمي.
يهدف عنف الشوارع إلى تكريس أمور ثلاثة لا يقبلها الخيار الديمقراطي الحرّ:
ـ التطبيع مع العنف و تحويله بالتدريج إلى آلية شرعية لأن هدفها تحقيق "شرع الله" على أرض الواقع.
ـ ترسيخ فكرة أن المراة هي المسؤولة عما يقع لها، فعنف المتطرفين سببه لباس النساء وإثارتهن، ويكفي أن "يستترن" ليكف العنف عنهن.
ـ تكريس الرقابة الدينية عوض القانون، و تفكيك أجهزة الدولة العصرية وتعويضها بنظام الحسبة القديم، الذي يوفر وسائل الرقابة الدينية المشدّدة على المجتمع ككل.
إضافة إلى هذا ترمي حالات العنف الهمجي التي تستهدف النساء إلى زرع الرعب وإشاعة الهلع في نفوسهن لكي يخضعن لشروط المتطرفين ونموذجهم في اللباس والمظهر، الذي يسعون إلى فرضه بشتى الطرق.
ويخدم هذا العنف الممنهج أجندة "المعتدلين" بشكل كامل، فالخوف من الغدر المباغت بالطعن من الخلف أو الضرب بالسياط في الأرجل أو تمزيق الثياب في الشارع العام، سيجعل النساء يرضخن من شدة الهلع، ويضطرن إلى وضع غطاء الرأس ولبس الألوان الداكنة التي توحي ببؤس نفسي كبير، والتي لا تجتذب الحشرات البشرية المضرّة، وبهذا يحقق "المعتدلون" بالعنف الوحشي وعبر الآخرين، ما لم يفلحوا في تحقيقه بالدعوة التي لا تستقطب الأعداد المطلوبة من أجل أسلمة شاملة للفضاء العام.
لكن المشكلة بالنسبة لهؤلاء الإسلاميين "المعتدلين" ظاهريا والمتطرفين في دواخلهم ومشروعهم البعيد، هو أن الحالة التي ينتجها العنف الوحشي لن تكون أبدا حالة طبيعية لأنها لم تتأسس على الرضى والوعي والاختيار الحرّ، بل تقوم على الخوف الشديد والرعب من الكمائن الغادرة في الشارع، والنتيجة طبعا واضحة، فأخلاق الخوف تجعل سلوك الناس يتغير بالتدريج من الشفافية والصدق إلى الخيانة والنفاق والكذب، لأن درجة الكبت ستتعاظم وحالات القهر النفسي ستتفاقم، ومن شأن ذلك أن يخلق مجتمعا مريضا في النهاية، على صورة المجتمع السعودي أو السوداني أو الإيراني، ولا أعتقد أن هذه النماذج الكاريكاتورية هي التي ستخلق نهضة المغرب.
السؤال الذي علينا طرحه جميعا هو التالي: ما هو دور الأمن أمام مثل هذه الظواهر الخطيرة ؟ وهل ستنتظر السلطات أن تصبح هذه الحوادث قاعدة عامة منتشرة لكي تتدخل بالحزم المطلوب
Read More | علق على هذا الموضوع

الأمازيغية والمزايدة السياسية

الأمازيغية والمزايدة السياسية

 
مصيبتنا مع بعض سياسيينا أنهم يستغلون قضايا الأمة المصيرية من أجل مصالح حزبية ضيقة وظرفية. وهذا ليس جديدا ولا بدعا من الأمر. فقد تعود المغاربة أن يستعمل الساسة في نقاشاتهم الحزبية وتجاذباتهم الانتخابوية كل الأوراق وإن تعلقت بقضايا المجتمع المادية والهوياتية. لذا لم نستغرب أن تخرج علينا بعض النقابات المحسوبة على الأحزاب اليسارية بتنظيم إضرابات واعتصامات حتى قبل أن تعرف وزراء الحكومة مكان وزاراتهم، مستغلة هموم الطبقة الشغيلة من أجل مطامح حزبية لقادتها.كما انه ليس مفاجئا أن تستغل بعض التيارات السياسية قضايا الهوية والانتماء في صراعاتها الضيقة وفرضا لأجندتها الخاصة. وقد صدق الدكتور عبد السلام المسدي حين قال: "إن اللغة أجَلُ من أن تُترك بيد السياسيين والسبب في ذلك أن رجال السياسة يصنعون الزمن الجماعي على مرآة زمنهم الفردي، أما رجال الفكر فينحتون زمنهم الفردي على مقاس الزمن الجماعي". ففي الوقت الذي تراهن الأنظمة الديمقراطية على جعل قضايا الهوية موضوعا لنقاش أكاديمي معمق تقدم خلاصاته للسياسي، نجد العكس يحصل في وطننا حين تستعمل هذه القضايا في الحسابات الحزبية الضيقة بين معارضة وموالاة، بين يسار ويمين، بين إسلاميين وحداثيين... مما يعرض مصير الأمة والمجتمع إلى الخطر.
ــــ الصورة النموذجية للاستغلال السياسوي قدمها لنا السيد إدريس لشكر، حين استيقظ بعد ردح من الزمن وطالب الناس بالنزول إلى الشارع للمطالبة بما يسميه التأويل الإيجابي للدستور والتنصيص القانوني الجيّد للأمازيغية. ولأنه لا أحد يصدق السيد لشكر وهو في قيادة حزب يعيش أسوأ فتراته بعد أن فقد بوصلته الإيديولوجية وترك نفسه فريسة سهلة لتيار الاستئصال والسلطوية، فإن دعوته لم يولها أحد أدنى اهتمام. فحزب بنجلون وبوعبيد واليوسفي الذي تأسس على الفكرة القومية ونافح عنها غدا اليوم مقاولة سياسية يحاول بعض قادته استغلال ورقة الأمازيغية والركوب عليها لاستعادة دوره في التدبير السياسي وليس بحثا عن الارتباط بعمق الانتماء المجتمعي. إن شرعية الحزب التي أخذها بمواقفه التاريخية وبرجالاته ونضالاته لا يمكن استردادها بخطاب سياسوي يفكر في غاية لا ثالث لها: عرقلة حكومة القطب الهوياتي وإفشال عملية الإصلاح.
ــ الصورة الثانية قدمها لنا حزب الاستقلال من خلال الصراع بين قيادييه بغية الوصول إلى منصب الأمانة العامة. ويكفي مطالعة التجاذب الإعلامي لمعرفة الدرك الذي وصل إليه حزب الزعيم علال الفاسي وقادة الحركة الوطنية. ففي الوقت الذي يفترض أن يتناول النقاش الرؤى السياسية لكل مرشح للأمانة العامة احتراما لأبناء الحزب، سيطر التراشق بين عبد الواحد الفاسي وشباط وحوارييهما حول قضية الأمازيغية. ولأنهما معا يتحدثان بمنطق المزايدة أكثر منه بمنطق الحقيقة والاقتناع، يبدو أن استغلال الورقة لم يأخذ بعين الاعتبار مبادئ الحزب ولا مصلحة الوطن ولا حتى تاريخ الشخص في التعاطي مع القضية. لأن الأمر كله مزايدة سياسية لا غير.
من خلال الصورتين يبدو أن الفاعل السياسي عندنا لم يستطع استيعاب حقيقتين:
1 ــ إن القضايا الهوياتية المتعلقة بوجود الوطن والمجتمع لا ينبغي أن تخضع للمزايدة السياسية والتراشق المذهبي بل من المفروض أن يكون الحوار حولها جزءا من نقاش مجتمعي موسع تشترك فيه كل الأطراف. واستغلال المسائل الخلافية من أجل الوصول إلى منصب معين أو إحراج الخصم السياسي يثبت نوعية القادة السياسيين الذي يسيرون هذا ىالوطن.
2 ــ إذا كان تدخل الفاعل السياسي في الشأن اللغوي أمرا ضروريا لبناء نمط هوياتي موحد وتقديم استراتيجية التنميط والتنشئةُ على نفس القيم دفعاً للتناشز الفئوي المفضي إلى تفكيك الجماعة، كما يتجلى في تدخلات الساسة الغربيين في بناء منظوماتهم اللغوية اعتقادا منهم بالتماهي بين اللغوي والسياسي، فإن المشهد يتغير كثيرا في الحالة المغربية على الخصوص، حيث الضبابية تسود بل والغفلة عن دور اللغة في بناء الأمة. فعندما تقابل أي مسؤول سياسي تحس بمدى الهوة السحيقة بين الحاجات الحضارية للأمة والفهم السياسي الذي يتلخص في تسيير الظرفي بالمتاح واستغلال اللحظة من أجل منصب عرضي. لذا ترى العديد منهم يغير مواقفه تبعا لتغير اللحظات السياسية، والبعض الآخر يدافع عن طروحات كان حتى عهد قريب من أشد أعدائها، وآخرون يساندون توجهات خوفا من أصوات أتباعها....وهكذا دواليك.
إن طريقة تعامل الفاعل السياسي مع قضايا الهوية كما بدا واضحا في خطاباتهم أثناء النقاش الدستوري يثبت العجز عن مسايرة حركية المجتمع وعدم الوعي باللحظة التاريخية. فكفانا من المزايدة بمصير الأمة وهمومها.
Read More | علق على هذا الموضوع

عودة الأمازيغية

Written By آفر برس on الأربعاء، 25 يوليو 2012 | الأربعاء, يوليو 25, 2012

الأربعاء، 25 يوليو 2012

فؤاد بوعلي
عديدة هي المبادرات التي بدأت تتراءى في الساحة الجمعوية والثقافية الوطنية والتي تعيد النقاش حول الأمازيغية إلى مربع الانتماء الوطني وعمقه القومي. فقبل أيام قلائل وتحت شعار “الفنون الشعبية قنطرة لكسر الحصار الثقافي على القدس”، وفي إطار الحملة الدولية لكسر الحصار على القدس، احتضنت مدينة الحسيمة فعاليات اليوم الثقافي الأمازيغي الفلسطيني الذي نظمته الجمعية الأمازيغية لمساندة الشعب الفلسطيني. وفي نفس الفترة عرفت عاصمة المملكة تأسيس جمعية “تمازيغت لكل المغاربة”، التي ضمت تحت لوائها فعاليات جمعوية من كل جهات الوطن. وفي مدينة تنغير أسست”رابطة ايمازيغن لنصرة فلسطين” التي اعتبرت محطة أساسية في دعم المقاومة الفلسطينية ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
لا يمكن أن نرى في هذه التحركات الجمعوية والمجتمعية مجرد مبادرات عرضية أو منفردة، بل ينبغي قراءتها في مسار الصحوة التي بدأت تعتمل في الجسم الأمازيغي والتي بدأت تثمر العودة الضرورية إلى حظيرة النقاش الوطني الهادف والمؤمن بالمشترك الجمعي. فحتى زمن قريب لم يكن يتصور وجود جمعية أمازيغية تساند القضية الفلسطينية، بل لم يكن يفترض أن توجد هيئة تؤمن بوطنية الأمازيغية بعيدا عن البدائل الجغرافية والهوياتية. لكن حتمية التطور أبت إلا أن تعيد النقاش إلى وضعه الطبيعي.
في قراءة موجزة لمسار الحركة الأمازيغية منذ بدايتها الجنينية وحتى تبلورها في مؤسسات وجمعيات ومواثيق وبيانات، يلحظ طغيان نوعين من الخطابات:
الأول كان خطابا فلكلوريا لا ينظر إلى المكون الأمازيغي إلا من خلال رقصات أحواش وحركات أحيدوس… التي تستغل حين يرام تقديم صورة المغرب الحضارية والثقافية المتنوعة دون أن ينظر إلى انتمائه وحضوره في تشكل الإنسان المغربي. وبمعنى آخر فقد راهنت وتراهن بعض الجهات الرسمية والكيانات السياسية على حصر الأمازيغية في مضمونها الفلكلوري في الاحتفالات والمهرجانات بعيدا عن علاقتها بوجود الإنسان الأمازيغي.
الثاني خطاب استئصالي أسس أطروحاته على الفكرة القومية الضيقة وربطها بالمفاصلة الحتمية عن المشترك الوطني من خلال اعتماد العلمانية خيارا للمواجهة ضد مكونات الساحتين السياسية والاجتماعية، والرهان على منطق الصراع ضد الوجود الوطني من خلال مكونيه العقدي واللغوي، لذا لجأ إلى الاستئساد بالخصوم الهوياتيين والعقديين وارتبط في أجندته بالمنظمات الأممية والإقليمية التي تساند التجزئ، وبالكيان الصهيوني باعتباره خيارا يلجأ إليه لمواجهة الأنظمة كما وقع في جنوب السودان. وبالرغم من اعتماد هذا الخطاب على جملة من الشعارات الحديثة البراقة كالديمقراطية والحقوق والحداثة فإن أدلجته قد ضيقت أفقه حين محاولته بعث الشعور القومي الأمازيغي من خلال رموز حضارية وتاريخية وسلخ الأمازيغ عن وجودهم المشترك، إضافة إلى أن اعتماد العلمنة جعله في مواجهة مباشرة مع العقيدة الإسلامية والمشترك الوطني. لذا لم يعد غريبا أن نجد سدنة هذا الخطاب الذي يزعمون الدفاع عن حقوق الأمازيغ هم أنفسهم من يناضل من أجل الشذوذ الجنسي والعري الفني وغيرها من القيم الغريبة عن المجتمع. وقد قدر لهذا النموذج القولي الريادة لأسباب تتعلق بارتباطات المغرب الخارجية وبأخطاء الحكومات المتعاقبة، إضافة إلى احتمائه بالسلطة.
لكن المبادرات الأخيرة أعادت النقاش حول الأمازيغية إلى حظيرة الانتماء الوطني وإنتاج خطاب نوعي جديد يمكن للأمازيغ من استعادة دورهم الريادي داخل النسيج المجتمعي الوطني ومعالجة أسباب الرفض التي جعلت الخطاب الأمازيغي نخبويا وسلطويا وعلمانيا وذلك من خلال التركيز على مقومات انتمائية:
الانتماء المجتمعي: يتصور سدنة الاستئصالية أن استنادهم لترسانة المواثيق الأممية وتوجيه النقاش الحقوقي لتلبية مطامحهم الفئوية قد أعطاهم شرعية التعبير عن هموم ومطامح الأمازيغ. وهو ما ليس حقيقيا، حيث تعيش الساكنة المغربية بكل مكوناتها الإثنية هموما خاصة ومشتركة بعيدا عن أجندات النخبة المنضوية تحت جمعيات الفعل الأمازيغي. لذا فإن المسار الجديد يبشر بقرب أكبر من جماهير الشعب وهموم المجتمع خاصة حين تحترم قواعد المشترك المغربي دون الفصل الإثني والقومي البغيض. ولذا فحين تعالج المسألة الأمازيغية باعتبارها مشتركا وطنيا وقضية ثقافية مغربية فسبل الحوار والحل تبدو ممكنة.
الانتماء الوطني: لعل أهم ملامح الخطاب الاستئصالي هو رهانه على تقديم جغرافية جديدة وبدائل قطرية مخالفة من خلال البحث الميثولوجي عن وطن للأمازيغ يغير بموجبه وجود الوطن والعمق الهوياتي. لذا فحرص هذه المبادرات على جعل تمازيغت قضية كل المغاربة وليست مسألة عرقية أو خاصة يفتح النقاش حول دورها الحقيقي ومكانتها ضمن هويات المغرب المختلفة، ويرد على بعض الدعوات السياسوية مثل دعوة بعض المنتمين لأحزاب اليسار التي تحاول استغلال الأمازيغية لحسابات ضيقة بعد فقدانها لبوصلة الانتماء ولفظها من طرف القاعدة الشعبية. والمثال أعطاه لنا السيد لشقر.
الانتماء القومي: في الوقت الذي تستعد بعض الأطراف الاستئصالية لاستضافة مهني أحد رموز التطبيع مع الكيان الصهيوني ضدا على خيار الدولة والأمة، تثبت المبادرات الأخيرة أن القضية الفلسطينية هي مشترك وطني بين المغاربة كيفما كانت قناعاتهم وانتماءاتهم وإثنياتهم. وإذا كان بعض الحالمين بالنموذج السلطوي مازالوا يقفزون على هذه الحقيقة فإن الأمازيغ قد اختاروا عمقهم القومي والحضاري الذي اسس له الخطابي من خلال بيانه التحفيزي للمغاربة لمقاومة الاحتلال الصهيوني.
الانتماء العقدي: خيار الأمة في عمقها الإسلامي. فاستغلال المسألة الأمازيغية لفرض منظومة قيمية بديلة ومواجهة الإسلام بإحياء ميثولوجيات بالية ومواجهة عقيدة الأمة بايم الحرية الفكرية، بات مكشوفا الآن. فالأمازيغ عاشوا بالإسلام وللإسلام، ومفاهيم العلمنة الاستئصالية لا يمكنها أن تنبت في تربة الأطلس التي رفضت كل التيارات الدخيلة.
لقد فتحت المبادرات الأخيرة الباب من أجل معالجة الخلل الذي صاحب الخطاب الأمازيغي منذ بدايته. وكيفما كان رأينا من قراءتها للواقع المغربي، فإن وجود مثل هذه التحركات يبشر بنقاش وطني حقيقي وهادف حول الأمازيغية بعيدا عن أجندات الاستئصال والبدائل القيمية والجغرافية. إنها عودة الأمازيغية.
Read More | علق على هذا الموضوع

"زعيم" فاته القطار


أحمد عصيد
هناك مثل أمازيغي يقول: « Ur ard tffal takat abla ighd » أي "لا تترك النار غير الرماد"، وهو مثل يقال عندما يخلف أحد الآباء إبنا أو أبناء دون كفاءته ومقدرته، ينطبق هذا المثل إلى حدّ بعيد على السيد عبد الواحد الفاسي ، الذي سكت دهرا ونطق هُجرا. لقد كان نجل الزعيم الاستقلالي علال الفاسي حكيما حقا عندما سكت عن الكلام المباح كل هذه المدّة، لأنه على الأقل قضى سنوات عديدة في سراديب الحياة السياسية وكواليسها دون أن يكتشف الناس مقدار غبائه.

ثمة قاعدة معروفة في السياسة وفي القانون معا، وهي أن الحق المكتسب لا يمكن مراجعته أو التحفظ عليه، لأن الوضعية الإنسانية تترقى نحو الأفضل ولا تعود إلى الوراء ـ وهو ما لم يفهمه بعدُ الإسلاميون أيضا ـ فالسياسي الذي يعيد الناس إلى سابق عهدهم من التعاسة والظلم والميز لا يستحق أن يكون زعيما، إذ السياسة التي يقال عنها فنّ الممكن ، إنما وُجدت لتدبير الظرفي وحلّ مشاكل الجماعة المنظمة، بينما فهمها سّي عبد الواحد على أنها معبد لتقديس الإيديولوجيات البائدة.

لن أتدخل في الصراع الدائر على الزعامة بين الاستقلاليين فهذا شأن داخلي لا يخصّ سواهم، لكنني أهتم بمواقف المتنافسين عن الزعامة من حقوقنا نحن المغاربة، ومن طبيعة الدولة ومن الدستور، ومن القضايا المطروحة في النقاش العمومي، سواء الحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية واللغوية، وأرى على هذا المستوى بأن ما عبّر عنه سي عبد الواحد يدلّ على أنه ليس بالشخص الكفء للزعامة، لسبب بسيط هو أنه لم يفهم شيئا مما وقع خلال العشرية الأخيرة من تاريخ بلده، وخاصة من 20 فبراير إلى الآن، أي أنه "زعيم" تخلف عن الركب لسنوات ضوئية.
وحتى إذا أصرّ على أن يظهر بمظهر الذي يحفظ كنانيش والده عن ظهر قلب، فقد فاته بأن والده نفسه لو ظل حيّا لكان قد راجع بذكائه الوقاد الكثير من الثوابت التي اختطها في ظرفية طبعتها في الغالب صراعات المرحلة الكولونيالية وما بعدها بقليل.

ناضلت القوى الأمازيغية لما يقرب من نصف قرن من أجل أن يكون للأمازيغية، هوية ولغة وثقافة، مكان تحت الشمس، وعندما نجحت في انتزاع اعتراف دستوري ثمين بعد تضحيات جسيمة وصبر وأناة، يأتي ابن الزعيم الاستقلالي الذي يحلم متأخرا بأن يرث كرسي والده بعد أن مرّت من تحت الجسر مياه غزيرة، ليقول في أول خرجة صحفية له إنه لا يتفق مع ما في الدستور، وان لغة رسمية واحدة تكفي، و أنه لو نجح التعليم في المغرب لما كانت الأمازيغية قضية مطروحة، لأنها نتاج الأمية والجهل.
مرة أخرى نجدنا ملزمين رغم أنه لا وقت لدينا لذلك، لتذكير بعض السياسيين الأميين بـ "ألفباء" الهوية والتاريخ المغربيين:

أولا: إن الأمازيغية لا تستجدي حزب الفاسيين ولا تنتظر منهم أي شيء، لأنها في قلوب المغاربة الذين احتضنوها في اللحظة الحاسمة، و كانوا عند الموعد بنسبة 90 في المائة من المذكرات التي اقترحت عند مراجعة الدستور.
ثانيا: أن لغة واحدة في الدستور تعني مغربا أعرج أو أعور، أي معاقا تماما، ونحن نطمح لمغرب يتسع لكل أبنائه وإن ضاق بهم صدر ابن علال الفاسي .

ثالثا: ان قيادة حزب الاستقلال قضت ما بين الثلاثاء والخميس قبل إعلان الدستور المعدل في ذهاب وإيالب عند ما يسمى "الآلية السياسية" التي يرأسها محمد معتصم المستشار الملكي، من أجل الدفع نحو التراجع عن ترسيم الأمازيغية وإقرارها فقط لغة وطنية، كما لو أنها ليست كذلك، وبعثت بالسيد امحمد الخليفة الذي نادى على الناس في برنامج تلفزي خصص له وحده لمدة ساعة ونصف، ليقول ما معناه إذا أصبحت الأمازيغية رسمية فسيقتتل المغاربة فيما بينهم، وعندما أصبحت الأمازيغية رسمية في نهاية المطاف صرح عباس الفاسي لجريدة "المساء" قائلا: لم يكن حزب الاستقال في يوم من الأيام ضدّ ترسيم الأمازيغية، و هو درس في السياسة لابن الزعيم الذي يتمرّن على السياسة ليكون على بينة، غير أنه لم يفهم الرسالة.
ثالثا: أن التعليم ـ عكس ما ذهب إليه ابن الزعيم ـ لو لم يكن في المغرب أصلا لما كانت هناك مشكلة إسمها الأمازيغية، لأنها إنما ظهرت بعد أن بدأ البعض يتحدث عن "تعريب التعليم" وتعريب الشخصية والتاريخ والذاكرة والإنسان، وبعد أن أصبح المغرب في المدرسة بلدا عربيا في "وطن عربي" وجرزا من أمة عربية إلى غير ذلك من هذيان الإيديولوجيات المستوردة. فعكس ما يراه ابن الزعيم، فالتعليم النظامي هو الذي عمل على تعميم ثقافة الدولة و"بلاد المخزن" وتهميش ثقافة الشعب وتركها نهبا للنسيان، والتعليم هو الذي أسس للخطاب الأمازيغي إذ ظهرت منذ منتصف الستينات نخبة أمازيغية حديثة وشابة درست اللسانيات والتاريخ والأركيولوجيا والأنثروبولوجيا والآداب العصرية وغيرها من العلوم الانسانية، ، وفهموا بأن لهم ثقافة ولغة حقيقيتان لا تقلان أهمية عمّا تروّجه المدرسة، وكان هذا منطلق المسار الذي قاد إلى الترسيم، ففي غفلة من ابن الزعيم الذي ظل يتهجى كنانيش الوالد، تأسس خطاب تنويري تصحيحي نقيض للخطاب الأورثوذوكسي للحركة الوطنية، لم ينته فقط إلى تكريس التعدّدية بدل الأحادية العمياء، بل أعاد تأسيس مفهوم الوطنية المغربية.
Read More | علق على هذا الموضوع

عندما يستنكر الإسلاميون نتائج عملهم / أحمد عصيد

Written By آفر برس on الجمعة، 13 يوليو 2012 | الجمعة, يوليو 13, 2012

الجمعة، 13 يوليو 2012


 أحمد عصيد

أحمد عصيد |

استنكر حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي(الاسلامي) بالسودان ما أسماه "استعمال الدين لأغراض سياسية" من طرف الرئيس العسكري عبر البشير، المتابع دوليا بوصفه "مجرم حرب"، والذي كلما ووجه بانتفاضة شعبية سارع إلى تبشير الشعب السوداني بالمزيد من "تطبيق الشريعة" في كل المجالات، جريا على عادة سلفه جعفر النميري الذي استولى بدوره على السلطة بانقلاب عسكري بغطاء ديني باركه الأزهر والإخوان المسلمون، وأوقع البلاد في أوضاع كارثية.

ما عبّر عنه حسن الترابي مثير للضحك وللشفقة معا، ذلك أنه كمن يستنكر استعمال سلاح فتاك اخترعه هو بنفسه وساهم في ترويجه، ففي 30 يونيو 1989، شارك حسن الترابي باسم "حركة الإنقاذ الإسلامية" في انقلاب عسكري مشؤوم تزعمه السفاح عمر البشير، وكان انقلابا على حكومة منتخبة ديمقراطيا بزعامة الميرغني. كان تحالف الترابي والعسكر واضح الأهداف، دعم الإسلاميين للإنقلابيين ضدّ الديمقراطية وتوفير الغطاء الديني لكل الأفعال الإجرامية التي ستتلو ذلك، وهدف الترابي البعيد المدى التمكين للدين في الدولة ولو في إطار نظام عسكري استبدادي. حصيلة هذا التحالف بعد سنوات جاءت على الشكل التالي:

ـ تملص حكم البشير من كل الاتفاقيات الدولية ومعاهدات السلام المبرمة، ومجمل الحل السلمي الداخلي الذي كان جاريا بعد اتفاق الميرغني – جون كرنك.

ـ استفحال حرب الجنوب المسيحي ضدّ سعي العسكر والإسلاميين إلى فرض الشريعة الإسلامية على كل مناطق السودان، وهي الحرب التي انتهت إلى انفصال جنوب السودان وخسارة الخرطوم لهذا الملف بشكل مهين.

ـ هدر ثروات السودان في المشاريع التآمرية ضد الجيران، وفي العمليات العسكرية من أجل كبح تمرد السودانيين الذي اندلع في كل مناطق البلاد.

ـ التمكين لاستبداد العسكر وسيطرتهم على كل القطاعات، مما أدّى إلى شلّ المؤسسات وإشاعة ثقافة التخلف الوهابية والعنيفة في المجتمع السوداني، ضدا على تقاليد وأعراف الكثير من القبائل السودانية وقيمها المتسامحة والنبيلة.

ـ مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية وطرد الآلاف من السودانيين المخالفين للحكم العسكري/الإسلامي من أعمالهم، وتشريدهم، واعتقالهم، وتعذيبهم وقتل العديدين منهم. بالإضافة إلى سن قوانين قمعية بُغية القضاء على ما تبقى من قنوات المجتمع المدني، مما أدّى إلى شرعنة حلّ النقابات العمالية والمهنية والأحزاب السياسية وتدمير كل مؤسسات المجتمع التي تمكن من المقاومة.

ـ نهب القطاع العام وأموال الدولة، وتحويلها لفئة قليلة من الطفيليين الجدد وأثرياء الجبهة الإسلامية، وإرهاق كاهل المواطنين بالضرائب حتي تزايدت حدة الفقر ووصلت إلى نسبة مهولة ( 95% من الشعب السوداني).

ـ تفريخ رأسمالية "طفيلية" جديدة خدماتية ذات غطاء "ديني"، نهبت أصول القطاع العام وعائدات البترول وركزت السلطة والثروة في يدها، ونشرت الفساد بشكل لا مثيل له، حتي تم تصنيف السودان في قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم!

ـ انقلاب العسكر على الإسلاميين أنفسهم والزج بالترابي في السجن ثم الإقامة الجبرية، بعد أن استفحلت الخلافات بين طرفي المؤامرة على الديمقراطية.

ـ اندلاع انتفاضة دارفور التي قتل فيها البشير 300 ألف شخص، ورقص على جثثهم فوق منصات الخطابة، وهجّر مليونين من السكان وحوكم بمقتضى ذلك دوليا وصُنف "مجرم حرب" مبحوث عنه.

بعد هذا كله يأتي الترابي اليوم بعد 23 سنة، ليشتكي من استعمال الدين في السياسة من طرف عمر البشير، يشتكي لعبة البشير التي علمها إياه، بعد أن أصبح هذا الأخير يتقنها إلى درجة جعلت رفاق الترابي يخسرون كل معاركهم ضدّ استبداد العسكر الذين يواجهون المتطرفين الدينيين بنفس سلاحهم.

لا يهمنا مصير الترابي وأمثاله من المقامرين، لكن يهمّنا مستقبل بلدنا المغرب الذي عليه أن يأخذ العبرة من أخطاء الآخرين حتى لا نقع في مصيرهم... وبئس المصير.

Read More | علق على هذا الموضوع

Recent Post

 
Copyleft © 2011. آفر برس . All lefts Reserved.
Company Info | Contact Us | Privacy policy | Term of use | Widget | Advertise with Us | Site map
Template modify by Creating Website